أنا أو جهنم الحمرا !

أنا أو جهنم الحمرا !

سليمان الحكيم

سليمان الحكيم

13 مارس 2018

 

قد يندهش الكثيرون من غمر الشوارع باللافتات التي تدعو للاستمرار السيسي رئيسا لمصر رغم كل السلبيات التي قد تنوء بحملها الجبال، والتى نتجت عن فترة حكمه الأولى، فكيف لرجل له كل تلك السلبيات ويحظى بمثل كل هذا التأييد؟

 

ولكنى أستثنى نفسى من الشعور بمثل هذه الدهشة لأننى أدرك أن المبالغة في حجم الدعاية للسيسى يتنافى طرديا مع حجم سلبياته. فلو كانت له ما يدعيه البعض من إنجازات لتولت عنه المهمة وأغنته وأنصاره المزعومين عن أية دعاية فضلا عن المبالغة فيها.

 

ولأنهم يدركون الحجم الكبير والخطير لكل سلبياته فأرادوا أن يغطوا عليها بالدعايا التي قد توحى للبعض من أهل الغفلة وقصيرى النظر بأن له إنجازات لا يرونها وإيجابيات لم يفطنوا إليها، لتبدو الدعاية له أمرا طبيعيا ومبررا.

 

هكذا أراد القائمون على حملة السيسي وهكذا كان مقصدهم، ولكن الذين قاموا بتنفيذ الحملات الدعائية في الشارع والذين حملت اللافتات المنتشرة في كل الشوارع بطريق الغمر أسماءهم، وضعت نوايا جميع هؤلاء وأهدافهم من وراء ذلك موضع الشك وسوء الطوية.

 

فأغلب هؤلاء ينتمون إلى الحزب الوطنى المنحل والذين رأوا فيها مناسبة لتبرئة أنفسهم من الولاء لمبارك وانتهاء عهدهم بفساده المفضوح، ومنح ذلك الولاء للسيسى ثمنا لتغاضيه عن فتح ملفاتهم ومواجهتهم بما حوته من روائح كريهة أو حصول بعضهم على براءة مصطنعة حان وقت سداد ثمنها له، خاصة وأن مشاركتهم في حملة السيسي جاءت تنفيذا للأمر المباشر الذي تلقوه من جهات أمنية تملك تحت أيديها الملفات الخاصة بتاريخهم القديم وما ارتكبوه من جرائم ومخالفات تستوجب العقوبة.

 

وإذا كان البعض قد ألح في دعوته للسيسى بتشكيل حزب سياسى جديد يكون ظهيرا شعبيا له، فإن السيسي – ولنصائح أمنية مخلصة. قد امتنع عن الاستجابة للأصحاب تلك الدعوات لأنه بات متأكدا من وجود مثل هذا الحزب بالفعل متمثلا في الحزب الوطنى الذي قدم نفسه طواعية لخدمة السيسي والعمل وفق مصلحته، بما لا يزال يحتفظ به من أموال ونفوذ يدين بهم للسيسى بتغاضيه عن ماضيه الأسود وعفوه عما سلف منهم من أعمال وممارسات مشينة.

 

هذا وقد شارك البعض ممن رأوا في استمرار السيسي حالة من الاستقرار التي تضمن لهم عدم المساس بمصالحهم إضافة إلى كثيرين من اللذين انضموا للحملة تجنبا "لوجع الدماغ" الذي قد يأتيهم من الامتناع عن المشاركة من حكومة نصبت نفسها لخدمة ولى نعمتها فتقوم باضطهاد هؤلاء بعد توجيه الاتهام المعروف والجاهز لهم بموالاة الإرهابيين والتعاطف معهم والاستجابة لدعوتهم "المشبوهة" بمقاطعة الانتخابات.

 

نحن إذن أمام حملة حكومية قائمة على الإكراه والجبر ولا مجال فيها للمنافسة والاختيار، فأما السيسي أو الطرد من جنته المزعومة والتعرض للأبشع أنواع التنكيل الذي قد يصل إلى حد سحب الجنسية حسبما يهدد بعض أنصاره!