السيئ الرئيس!
سليمان الحكيم
15 أبريل 2018
من البرازيل في أقصى غرب العالم، إلى كوريا الجنوبية في أقصى الشرق، إلى جنوب إفريقيا في الجنوب، ومنه إلى فرنسا في الشمال، هناك رؤساء حاليون وسابقون يقفون خلف القضبان متهمين بالفساد واستغلال النفوذ.
وإذا نظرت إلى موقع هذه الدول على خريطة الاقتصاد العالمي – وليس من الناحية الجغرافية فقط – ستجد أنها من الدول المتقدمة والتي ساهم هؤلاء الرؤساء المتهمون بالفساد فيها بقسط وافر من الإنجازات، التي لم نجد فيها أحدا يبرر بها طلب العفو عن أحدهم وإنقاذه مما قد يلحق به من عار بسبب سجنه، أو وقوفه خلف القضبان متهما بالفساد!
من بين هؤلاء الرئيس البرازيلي السابق لولا دي سليفا الذي أنقذ أكثر من ثلاثين مليون مواطن برازيلي من الفقر خلال فترة حكمه، كما تخطي ببلاده مشكلة الديون الخارجية التي كادت تودي بها إلى الإفلاس وفرض الوصاية الدولية عليها، ومع ذلك لم يعثر دي سليفا في صحافة بلاده وإعلامها على أحد "المطبلاتية" الذي يمكنه التبرير له لحصوله على شقة فاخرة على أحد شواطئ البرازيل دون وجه حق، واعتبارها مكافأة نهاية خدمة عما قدمه لبلاده من إنجازات جعلتها إحدى الدول الثماني الكبرى على خريطة الاقتصاد العالمي!
كما لم يجد " زوما" رئيس جنوب إفريقيا صحفيا أو إعلاميا واحدا يطلب العفو له لأنه خليفة نيلسون مانديلا الأب الروحي لمواطني بلاده، كما أن زوما هو أحد رموز التحرر الوطني من الفصل العنصري الذي منح للسود كل حقوقهم المهدرة وانتقل بهم من خانة العبيد إلى خانة الأسياد، فكان عليه أن يدفع فاتورة فساده واستغلاله النفوذ للتربح من منصبه الرئاسي.
وفي كوريا الجنوبية لم يشفع للرئيسة "باك جون هاي" إنها أول سيدة تجلس على كرسي الرئاسة في بلادها، أو أنها حققت لتلك البلاد مركزا مرموقا بين دول العالم المتقدم، فهي في نهاية الأمر سمحت لإحدى صديقاتها من سيدات الأعمال بالفساد واستغلال علاقة الصداقة برئيسة البلاد لتحقيق مكاسب مالية بالمخالفة للقانون وعلى حساب آخرين، لتحاكم الرئيسة وصديقتها لتتلقى كل منهما حكما بالسجن، وهي نفس التهمة التي تواجه الرئيس السابق في فرنسا نيكولاي ساركوزي بعد اتهامه بتلقي أموال من معمر القذافي ساعدته في حملته الانتخابية على الوصول إلى كرسي الرئاسة.
نحن إذن أمام دول وحكومات تحارب الفساد بحق، ولا تبرر وجوده بالقول "أن الفساد ظاهرة عالمية وأنه موجود في كل بلاد العالم فوجوده عندنا أمر طبيعي". ولكن غير الطبيعي هو ما يحدث عندنا من سكوت عليه وملاحقته ظاهريا، دون أدنى درجة من درجات الجدية والحسم، فكثيرا ما كان النائب العام يصدر قرارا بحظر النشر في معظم قضايا الفساد التي تم الإعلان عنها لحرمان الشعب وهو صاحب الحق الأصيل فيها من معرفة مصيرها الذي ينتهي غالبا بالحفظ أو البراءة!