بين السيسي وإعلامه.. الفضل لمن؟

بين السيسي وإعلامه.. الفضل لمن؟

سليمان الحكيم

سليمان الحكيم

07 مارس 2018

 

يبدو أن هناك "شوطة" تنتشر الآن في أجواء الصحافة والإعلام، جعلت البعض يستغرب أن تصيب هذه الشوطة الموالين للنظام خاصة، ولكن الأمر يبدو طبيعيا لمن يطلع على تاريخ العلاقة بين النظم العسكرية ومؤيديها أو الموالين لها. فما من صحفى أو إعلامى اقترب كثيرا من السلطة إلا واحترق بنارها، بينما كان يكفيه أن ينعم بدفئها دون الاقتراب كثيرا من مركز وهجها الحارق.

 

فرأس النظام العسكري عادة ما يريد أن يعطى انطباعا للجميع بأنه ليس مدينا لأحد في الوصول أو البقاء في منصبه إلا لعبقريته الفذة، وتمتعه بخصائص فريدة قل أن توجد لدى غيره، ربما كان ذلك للتغطية على شعوره بالنقص لضعف مؤهلاته وقلة مواهبه. لهذا يبدو في ظاهره أكثر ميلا لأن يخلق لنفسه مراكز قوى إعلامية يعتمد عليها، وتدين له بالولاء فيما تصل إليه من شهرة ونفوذ، أكثر من اعتماده على مراكز كانت موجودة بالفعل وتدين بالولاء لسابقيه ليكون الفضل فيها لغيره.

 

وقد عبّر السيسي عن ذلك حين قال بأنه ليس لديه فواتير يدفعها لأحد فيما وصل إليه، ولم يدرك هؤلاء حينها أنه يتبرأ من أي فضل لهم عليه وأن عليهم بأن يحتفظوا بمسافة تبعدهم عنه على لا يتجاوزوها مدفوعين في ذلك بالفضل والمنة، فكان من نصيب توفيق عكاشة الإقصاء من موقعه بطريقة مهينة حين تصور أنه صاحب فضل يمنحه الحق في تجاوز الحدود والخطوط، لتتوالى من بعده أسماء أخرى كثيرة جرت إزاحتهم من الطريق بحجج واهية أقرب أن تكون مجرد "تلكيكة" لتبرير الإقصاء أو " قرصة الودن " وكان خيرى رمضان آخر الضحايا على الطريق.

 

وتأكيدا لوجهة النظر هذه، وجدنا أن معظم هؤلاء الذين يشتهرون في الأوساط الشعبية بلقب "المطبلاتية" قد جرى اتهامهم في قضايا أخلاقية أو تتعلق بوقائع فساد كانت في أغلبها من صنع أجهزة النظام نفسه لضمان بقائهم تحت السيطرة بعد أن تتدخل تلك الأجهزة لإنقاذهم منها بالتغاضى عنها والسكوت عليها لكى يظلوا واقعين تحت الشعور بفضل النظام عليهم إذا غلبهم الشعور بالفضل على النظام فيسارعوا بالعودة وهم يسبحون بحمده.

 

فأحمد موسى مثلا صدرت ضده أحكام بالحبس في قضايا كثيرة ولكنه أُعفى منها. وخيرى رمضان وآخرون وردت أسمائهم في قضية وزير الزراعة المحبوس بالاستيلاء على أراضى الدولة دون وجه حق. وكذلك مصطفى بكرى الذي يتاجر بتأشيرات الحج وغيرها. ولن يعجز أي باحث عن وجود قضايا كثيرة من هذا النوع في الملف الخاص بأحدهم. وكلها قضايا تنشر تفاصيلها في الصحف ليسارع صاحبها بالارتماء في أحضان السلطة طلبا للحماية والعفو في مقابل الاستمرار في خدمة صاحب السلطان، في حدود ما هو مرسوم له وما يصدر إليه من تعليمات.

 

فما يحدث لخيرى رمضان أو منى العراقي أو تامر عبد المنعم أو حتى مرتضى منصور وغيرهم يحدث في إطار المنازعة بين طرف تصور أنه صاحب الفضل على الطرف الأقوى الذي يسارع بالاستفزاز دفاعا عن مكانه ومكانته للإيحاء بقوى وهمية يكمن تحتها شعور بالقلة والنقص.