عودة الخوف

عودة الخوف

ممدوح الولي

ممدوح الولي

26 مارس 2018

 

المتابع لآراء المواطنين التي صورتها المخرجة ساندرا نشأت وتم إذاعتها ضمن حوارها الأخير مع الجنرال، يلاحظ عودة ملامح الخوف والحذر من ملامح ونبرات صوت الكثيرين، خاصة من كبار السن، والتحوط من خلال إبداء الرأى الذي يتماشى مع الظروف التي يمر بها المجتمع.

 

وبما يشير إلى أن المناخ العام الذي بدأ بقانون التظاهر وقانون الكيانات الإرهابية وعودة قانون الطوارىء، وإعلام الصوت الواحد، وحجب المواقع الإلكترونية، وتكليف النائب العام للمحامين العاملين ورؤساء النيابة بمتابعة وسائل التواصل الاجتماعى والمواقع الإخبارية قد حقق هدفه.

 

فعندما تقترب المخرجة من أحد المواطنين لتسأله السؤال المكرر، تطلب إيه من الرئيس؟ يجيب أحدهم: خليلكى بعيد عنى أبوس إيديك، رغم أن من تخاطبه شابة جميلة من المفترض أن يجاملها بكلمة على الأقل.

 

ويقول آخر: الريس. لا هتحبس، وآخر يقول: معرفش والله. موش عايز أجاوب على السؤال ده، وأحدهم يقول: أنا لا بأعرف أقول ولا أعيد، بينما ينصحها آخر بقوله: بلاش تتكلمى عشان ممكن حاجه تحصلك.

 

وكانت النتيجة لذلك الخوف ما ذكره أحدهم حين قال إحنا عايزين عدل، ولينبهه آخر بجواره أن هذا الكلام يحبس، فرد في جملة كاشفة: يبقى كدا موش ها نتكلموا الكلام الصح، أى أنه طالما هناك كبت وتخويف فلن يصرح الناس بالحقائق، وسيتبقى النفاق والمداهنة والتى تكبر معها المشاكل وتستفحل ويزيد السخط.

 

وعندما تسأل المخرجة أحدهم عن الحلم الذي يحلم به يرد قائلا وهو يواصل سيره: أتمنى من ربنا إن ربنا يسترها.

 

وفي هذا السياق كان الحوار بين المخرجة وأحدهم والذى عبّر عن يأسه من إمكانية التغيير:

 

= المواطن: إيه الحاجة إللى ها تعملوها؟

● المخرجة: نشوف الناس عايزه إيه

= وفي الآخر ها يحصل إيه؟

● المخرجة: نوصل صوت الناس

= وبعد ما يوصل؟

● المخرجة: نصلح

= زيرو

 

وعندما يصرح آخر بأن الفقراء لم يستفيدوا من المشروعات القومية مطالبا بأن تنخفض أسعار السلع، ويرد على من يقول أن سعر اللحم 75 جنيها للكيلو بأن هذا غير موجود وأن سعر اللحمة بالجمعية 85 جنيها، ثم يستدرك مطالبا بألا يتهمه بأنه من الإخوان مؤكدا أنه لا يصلى ومؤكدا ولاؤه للجيش وللرئيس.

 

وكشفت الآراء عن معاناة الكثيرين والتى لخصها أحدهم عازين المم (الأكل)، ويقسم آخر بالقرآن وبكل الأديان اللى ربنا خلقها ما حد لاقى عيش حاف ياكله. ويطالب آخر بالاهتمام بأصحاب المعاشات قائلا: يعنى بتوع المعاشات دول ها يعيشوا أكتر مما عاشوا؟

 

وهي الحوارات التي نامل أن تتكرر مع قطاعات شعبية بأقصى الصعيد والريف، وبالمناطق الحدودية والنوبة والعشوائيات، وأن تخضع تلك المقابلات لتحليل مضمون من قبل الأجهزة السيادية، بعد غياب دور البرلمان والإعلام والمجتمع المدني والمحليات، عن كشف الواقع الحقيقى للمصريين، حيث كشفت تلك الحوارات السريعة عن تحول رئيسى من جو الحريات والآمال العريضة التي تفجرت بعد ثورة يناير إلى العودة لجو مشابه للستينات، يتحسس المواطن فيه كلامه وحركته، ومن هنا كانت كلمات البعض للمخرجة: حضراتكم مين الأول؟ حضرتك فيه تصريح للكلام ده؟

 

وهو ما يتناقض تماما مع ما ذكره الجنرال من قوله أنه يعطى مساحات للاختلاف في الرأى، وأن الناس حرة في آرائها، وكذلك عندما أقسم بالله العظيم أنه كان يتمنى، أن يكون هناك مرشح واتنين وعشرة بالانتخابات الرئاسية الحالية!