الهروب الجماعي للصهاينة

الهروب الجماعي للصهاينة

خالد سعيد

خالد سعيد

12 يناير 2017

العملية الاستشهادية التي جرت وقائعها الأحد الماضي، وأسقطت أربعة من الضباط والجنود الصهاينة تكرس لمفهوم جديد ـ قديم لدى الكيان الصهيوني، يتمثل في "الهروب الجماعي" أمام حالات الاستشهاد والعمليات الفلسطينية الفدائية التي تزداد وطأتها على الكيان بمرور الوقت!

 

حالة الفرار الجماعي لعشرات الضباط والجنود أمام مجرد شاحنة يقودها فلسطيني فدائي، وهو فادي القنبر، ستعد نقطة فاصلة في تاريخ الكيان الصهيوني ككل.

 

الواقعة الفدائية للفلسطيني الشهيد فادي القنبر ظهر الأحد الماضي خطط لها جيدًا قبل القيام بها، فكثير من العمليات الفدائية قام بها فلسطينيون عبر قيادة شاحنة أو تراكتور سقط من خلالها العشرات من الصهاينة ما بين قتيل وجريح، ومجرد تجديدها يعني تحقيقها النجاحات الواحدة تلو الأخرى، فهي تعتمد على عنصر المباغتة وقتل أكثر عدد ممكن من الصهاينة، وغالبًا ما تجرى في مدينة القدس المحتلة وضواحيها، لذلك فإن عملية القنبر لم ولن تكون الأخيرة، وإن كان لها عواقب وخيمة على عائلة الاستشهادي، لكن لها مردود إيجابي وآثار قوية على الشعب الفلسطيني فيما يتعلق برفع الروح المعنوية للفلسطينيين ككل، وتأثر الداخل الصهيوني بشدة.

 

بيد أن أهم ما في العملية من نتائج إيجابية ما يدور حول تكريس مفهوم أو مصطلح "الهروب الجماعي" للجنود والضباط الصهاينة، وفرارهم ورعبهم من مجرد سماع صوت الشاحنة وهي تدهس زملائهم في إحدى ضواحي مدينة القدس المحتلة، وهو ما رأيناه في فيديو مهم وتاريخي للقناة الثانية الإسرائيلية التي علقت وكتبت أن حالة الهروب الجماعي تحتاج إلى تحقيق واستقصاء عسكري عاجل. حتى أن أغلب وسائل الإعلام الصهيونية، الصادرة باللغة العبرية، خرجت تحت العنوان نفسه " هروب "، أو هروب جماعي "، وغيرها من المصطلحات المهمة التي توضح مدى هشاشة التجمع الصهيوني، وتخوَُخه، وافتقاره لمقومات " بوتقة الصهر "، فحالة الهروب الجماعي تنفي وتعري، وبقوة، مقولة بوتقة الصهر، وتوضح أن كل مستوطن أو مستعمر من الصهاينة يهرب نفسه " يفلت بجلده "، دون الاهتمام بغيره من أبناء جلدته الصهاينة.

 

الثابت أن حالة الفرار الجماعي لعشرات الضباط والجنود أمام مجرد شاحنة يقودها فلسطيني فدائي، وهو فادي القنبر، ستعد نقطة فاصلة في تاريخ الكيان الصهيوني ككل، إذ بينما شاهد المجتمع الدولي حالة الهروب الجماعي للجيش الذي يصف نفسه بأنه الأكثر أخلاقية حول العالم، فأين الأخلاق من هروب الضباط والجنود من نجدة زملائهم وإخوانهم في الكتيبة الواحدة، فكل ضابط أو جندي كان ملازماً لغيره من زملائه هرب وفرَّ من مسرح العملية الفدائية، ومَن شجعهم كان مستوطن أو مدني عادي يحمل مسدسه، وهي عادة لدى المستوطنين أن يحملوا أسلحتهم في قلب الشوارع الصهيونية دون رادع، بدعوى حمايتهم من الفدائيين والاستشهاديين!

 

التذرع الصهيوني بأن الضباط والجنود الذين هربوا من مواجهة الاستشهادي القنبر كان التخوف من تطبيق ما جرى فعله على الجندي الصهيوني أليئور أزاريا الذي قتل الفلسطيني الشهيد عبد الفتاح الشريف، في مارس الماضي، من مسافة صفر تقريبا رغم إصابته وطرحه أرضاً، ما دفع الكيان الصهيوني إلى اقتراح أو سنَّ قانون يسمى على اسم هذا الجندي " قانون أزاريا "، بهدف عدم توجيه اللوم للجنود الذين يقتلون الفلسطينيين بدم بارد!

 

أي مواطن يشعر بذرة كرامة أو هُوية حقيقة أو انتماء حقيقي لبلده والأرض التي ولد فيها لن يسكت على دهس زملائه أمام عينيه، ولكن الصهاينة مجموعة من المرتزقة.

 

بيد أن أي مواطن يشعر بذرة كرامة أو هُوية حقيقة أو انتماء حقيقي لبلده والأرض التي ولد فيها لن يسكت على دهس زملائه أمام عينيه، ولكن بدعوى أن الصهاينة هم مجموعة من المرتزقة من أصقاع الأرض جاءوا لاحتلال واستيطان الأراضي الفلسطينية يدركون في حقيقة الأمر أن وجودهم على هذه الأرض مستحيل، ورحيلهم عنها مجرد وقت!

 

والمدهش في الأمر أن زملاء الضباط والجنود الصهاينة الذين قتلوا في الواقعة استكملوا برنامجهم الترفيهي في مدينة القدس المحتلة بعد ساعات من العملية، فينما جرت العملية الفدائية الأحد الماضي، خرجت علينا صحيفة " يديعوت أحرونوت " العبرية صبيحة الأثنين لتؤكد على لسان أحد الضباط الإسرائيليين أن برنامج مجموعة الضباط والجنود مستمر في القدس بهدف الترفيه عنهم والشد من أزرهم، وكأن من مات منهم كانوا مجرد " نكرة " !