
السلام الاقتصادي إلى أين؟!

خالد سعيد
13 مايو 2017لم يشفع لقاء الرئيس الفلسطيني، محمود عباس ( أبو مازن ) بنظيره الأمريكي، دونالد ترامب، في العاصمة الأمريكية، قبل عدة أيام، تبني الأخير وجهات النظر الفلسطينية واستدرار عطفه! وإنما يجهِّز ترامب لصفقة سلام اقتصادية بين الجانبين، الفلسطيني والصهيوني، ترسخ " توتيد " الكيان الصهيوني على الأراضي الفلسطينية المحتلة!
وسائل الإعلام الصهيونية، الصادرة باللغة العبرية، كتبت تعليقًا على زيارة أبو مازن لواشنطن أن الرئيس الفلسطيني عرض على ترامب وفريق عمله خرائط ووثائق تشير إلى النقاط الأخيرة التي توقف فيها أبو مازن نفسه مع رئيس الوزراء الصهيوني السابق، إيهود أولمرت، قبيل تولي خلفه بنيامين نتانياهو، مقاليد الأمور في تل أبيب، وتتعلق بترسيم حدود دولة فلسطينية، ليخرج بعدها أبو مازن ، الثلاثاء الماضي، بتصريحات مهمة وخطيرة تدور حول نيته لقاء نتانياهو قريبا برعاية أمريكية، وهو ما يمكن أن يتحقق مع زيارة ترامب إلى التجمع الصهيوني في الثاني والعشرين من الشهر الجاري، ومن المحتمل أن يجمع الطرفين معاً ( أبو مازن ونتانياهو )، ربما بدون حضور الدول العربية المعتدلة، لقاءً ثلاثيًا فحسب، ولو مؤقتًا! مع تأكيد أبو مازن على شرط " حل الدولتين "، رغم يقينه بأن ترامب يرفض هذا الأمر، وسبق أن فعلها حينما زاره نتانياهو وأكد له أن حل القضية الفلسطينية بين الشعب الفلسطيني والصهاينة!
مثلما اهتمت إسرائيل بزيارة رئيس وزرائها للولايات المتحدة الأمريكية فبراير الماضي، اهتمت بزيارة الرئيس الفلسطيني لواشنطن، أيضًا، ولكن مع الفارق طبعاً، بمعنى أن كثير من المسئولين الصهاينة أن السلام الاقتصادي مع الطرف الفلسطيني هو الأنجع والأفضل للطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، على حساب السلام السياسي الذي يفشل بينهما دومًا، وهو ما أكدته على سبيل المثال، وزيرة القضاء الإسرائيلية المتطرفة، إيليت شاكيد، خلال زيارتها للعاصمة الأمريكية حاليًا، حيث أجرت حوارًا أو لقاءًا مهما في معهد هيدسون الأمريكي للأبحاث والدراسات، نادت فيه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بتغيير اتجاهه ونيته إقامة سلام سياسي بين الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، واستبداله بسلام اقتصادي، إضافة لتعزيز التعاون مع الدول العربية المعتدلة.
صحيفة " معاريف " كتبت على لسان شاكيد أن ترامب يمكنه تحقيق نتائج إيجابية بتوجهه نحو السلام الاقتصادي وتعزيز العلاقات الصهيونية مع الدول العربية المعتدلة، وهو ما أكدته من قبل القناة السابعة الإسرائيلية، الأثنين الماضي، من أن السلام الاقتصادي هو الأنجع للطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، حيث نقلت على لسان نفتالي بينيت، رئيس حزب " البيت اليهودي " وزري التعليم الصهيوني أن السلام الاقتصادي هو مستقبل منطقة الشرق الأوسط. بما يفيد أن هناك توافق ورؤى إسرائيلية موحدة حول " السلام الاقتصادي "!
الغريب أن نفتالي رأى أن ترامب يجهَّز لصفقة مهمة وقوية غير معلومة، في دلالة واضحة على عمله الدوؤب والخاص بإقامة سلام اقتصادي، وليس سياسي، بين الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، ونسيان الحلول الدبلوماسية والسياسية، على ألا تقدم تل أبيب أية تنازلات تذكر، بمعنى أن الطرف الفلسطيني هو الذي سيقدم التنازلات لمجرد موافقة الجانب الصهيوني الجلوس على مائدة المفاوضات الاقتصادية فحسب!
الرهان الصهيوني على السلام الاقتصادي كان له مفعول السحر في تصريحات مسؤولين صهاينة، وسبق أن قدم شمعون بيريز رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، اقتراحات سلبية للعرب في هذا الإطار، من بينها الشرق الأوسط الموسّع أو الكبير ، الذي تكون فيه تل أبيب العقل المفكر، على أن تكون الأيدي المصرية هي الأيدي العاملة، مع المال الخليجي، وربما زيارة ترامب القادمة والأولى في منطقة الشرق الأوسط، والتي خصصها للسعودية والتجمع الصهيوني فحسب، تسير في هذا الإطار!
فهل نشهد عودة لقطار السلام الاقتصادي مرة أخرى؟!