نتانياهو وعهد أمريكي جديد

نتانياهو وعهد أمريكي جديد

خالد سعيد

خالد سعيد

02 فبراير 2017

 

في الخامس عشر من الشهر الجاري يحل بنيامين نتانياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، ضيفًا على الإدارة الأمريكية الجديدة، بزعامة دونالد ترامب، في بداية جديدة لعهد يبدو أنه سيصبح "يميني متطرف" من الجانبين، الإسرائيلي ـ الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية والعالم الإسلامي.

 

ثمة اتفاق أمريكي ـ إسرائيلي على أن القضية الفلسطينية وبصورة أدق المفاوضات الفلسطينية ـ الصهيونية، هي آخر ما يتحدث عنه نتانياهو مع ترامب في البيت الأبيض، فكثير من الملفات المشتركة والمهمة سيناقشها " بيبي " مع رجل الأعمال الأمريكي الذي يقود المجتمع الدولي حاليًا ـ رغم إيمانناً بأن الولايات المتحدة الأمريكية في أفول ـ إذ من المرجح أن يتناول اللقاء الثنائي المهم قضية أو ملف البرنامج النووي الإيراني واستمرار بناء المستعمرات الصهيونية على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

 

نحن أمام عهد أمريكي - صهيوني جديد يحمل في طياته ما هو أسوأ للقضية الفلسطينية.

 

وسائل الإعلام الصهيونية، الصادرة باللغة العبرية، لم يكن لها حديث طوال الأيام الماضية سوى لحدثين مهمين، الأول كيفية إخلاء مستعمرة " عمونا " بالضفة الغربية ومدى تعاطي المسئولين الصهاينة مع الواقعة المهمة والتاريخية لإسرائيل، من حيث تضخيمها إعلامياً وسياسيًا، والتي تشبه الانسحاب الإسرائيلي من مستعمرات شبه جزيرة سيناء بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد، وكذا الانسحاب من مستوطنات قطاع غزة في العام 2005، وسريان حالة من البكاء والعويل على هذا الانسحاب، وكأننا أمام حالة من الدراما الإسرائيلية المحبوكة، بقوة، للمجتمع الدولي، دون إدراك هذا المجتمع أن الفلسطينيين أمام حالة من الالتفاف على ذلك الانسحاب بإقامة عشرات الآلاف من الوحدات السكنية الجديدة في العديد من المستعمرات الصهيونية الجديدة والمقامة بالفعل في كل من الضفة الغربية والقدس المحتلة، وكلها بهدف تقسيم الضفة لقسمين تارة وتطويق القدس تارة أخرى.

 

والحدث الثاني الذي اهتمت به وسائل الإعلام العبرية هو اللقاء المرتقب بين نتانياهو وترامب في الخامس عشر من الشهر الجاري، خاصة وأنها مهدت الطريق بمكالمات هاتفية بين الجانبين، وحث " بيبي " ترامب على تجديد العقوبات على إيران، بعد تجديد الحديث عن تطوير إيران لصواريخ باليستية، وتكوين ائتلاف أو حلف عربي ـ صهيوني ضد " الإرهاب "، ولمواجهة الطموح الإيراني، والعمل على الإسراع لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى مدينة القدس المحتلة.

 

الغريب أن نتانياهو استغل اختبار إيران لصاروخ باليستي جديد قبل أيام في معاودة الحديث عن خطورة الطموح الطهراني، والعمل على استغلال الحلف العربي السُني الإسرائيلي في القضاء على الحلف السوري ـ الإيراني ـ مع حزب الله أو الهلال الشيعي من جديد، خاصة وأن ترامب قد اعتبر خلال حملته الانتخابية قبل عدة شهور مضت بأن الاتفاق النووي الإيراني الذي تم التوقيع عليه في الخامس عشر من يوليو 2015، بين إيران ومجموعة ( 5+1 ) كان " كارثة "، واعتبره بمثابة أسوأ اتفاق تم التفاوض عليه!

 

بالتوازي مع زيارة نتانياهو للعاصمة الأمريكية واشنطن، فإن يولي أدلشتاين، رئيس الكنيست الإسرائيلي قد قام بزيارة مهمة للولايات المتحدة قبل يومين، للتمهيد لزيارة رئيس وزراءه، وللتنسيق حول القضايا والملفات المطروحة على مائدة أو أجندة الجانبين، الأمريكي والإسرائيلي في اللقاء المرتقب بين نتانياهو وترامب، خاصة وأن أدلشتاين قد التقى برئيس مجلس النواب الأمريكي لحثه على دفع الإدارة الأمريكية الجديدة بالإسراع بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة!

 

الإدارة الأمريكية الجديدة ستحاول إضفاء لغة التعاون المشترك مع الكيان الصهيوني سواء بزيارة رئيس الكنيست أو بما يتبعها من زيارة نتانياهو المهمة والتاريخية، للتأكيد على مدى عمق العلاقات الثنائية بين الجانبين، الأمريكي والإسرائيلي، وأن فترة السنوات العجاف السابقة بين إدارة باراك أوباما السابقة وحكومة نتانياهو كانت مجرد مرحلة وانتهت، وأن ترامب سيمحوها ويمحو نتائجها المخيبة للكيان الصهيوني، رغم أن أوباما سمح للحكومة الصهيونية بزيادة وتيرة عملية بناء المستوطنات خلال عهده بواليتيه، رغم ما يعرف عن أوباما بمعارضته لتل أبيب.

 

ربما تشبه قرارات ترامب القادمة حيال القضية الفلسطينية والمسلمين بوجه عام، وحظره دخول مواطني سبع دول إسلامية لبلاده، بما قام به ميخائيل جورباتشوف تجاه بلاده.

 

ربما تشبه قرارات ترامب القادمة حيال القضية الفلسطينية والمسلمين بوجه عام، وحظره دخول مواطني سبع دول إسلامية لبلاده، وبعض قراراته المتسرعة والهوجاء بما قام به ميخائيل جورباتشوف تجاه بلاده، الاتحاد السوفييتي السابق، والذي ساهم في إسقاطه أمام المجتمع الدولي، ليتفكك الاتحاد إلى دويلات، في العام 1990، نجحت الولايات المتحدة بعدها في توجه العالم نحو أحادية قطبية.

 

 بيد أننا أمام عهد أمريكي ـ صهيوني جديد يحمل في طياته ما هو أسوأ للقضية الفلسطينية، وعلى الجانبين، العربي والإسلامي، الاستعداد لذلك!!