
الحلقة المفقودة في القضية الفلسطينية !

خالد سعيد
16 فبراير 2017ثمة أحداث وأخبار توالت خلال اليومين الماضيين تشي بوجود حلقة مفرغة حول القضية الفلسطينية، ما بين زيارة رئيس وزراء الكيان الصهيوني، بنيامين نتانياهو، للولايات المتحدة الأمريكية، والضجة الإعلامية الصهيونية حول مواجهة مرتقبة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وانتخابات الأخيرة، وكذا الانسحاب المفاجئ للسفير الإسرائيلي بمصر منذ نهاية ديسمبر الماضي.
منذ الإعلان عن لقاء نتانياهو بالرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، أمس الأربعاء، ووسائل الإعلام الصهيونية تتحدث عن أهمية اللقاء المرتقب، والقضايا والملفات المطروحة على قمة الزيارة، ما بين التحريض الإسرائيلي على إيران وضرورة وضع حدود للبرنامج النووي الإيراني، وإفشال مخططات طهران في منطقة الشرق الأوسط، والحديث عن عودة جيدة للعلاقات الثنائية، الصهيونية ـ الأمريكية، بعد سنوات عجاف بينهما طيلة فترة باراك أوباما، رغم يقيني بأن العكس صحيح، فضلاً عن ملف الإسراع الإسرائيلي في وتيرة بناء المستوطنات!
لماذا الإعلان عن عودة السفير الصهيوني بالقاهرة لبلاده في هذا التوقيت، وعشية زيارة نتانياهو لواشنطن، ولماذا لم يعلن عنها في حينه!
بين هذه الملفات تم تهميش القضية الفلسطينية، وكأنها لم تكن موجودة من الأساس، باعتبارها قضية ميتة، أو أن نتانياهو وحده يمتلك مفتاح عودتها للحياه، في حين كان الاهتمام الأكبر لتلك الوسائل الإعلامية منصبًا على مدى إقناع ترامب بمعاقبة طهران، وحثه على دعم بناء المستعمرات الصهيونية؛ وهو ما توازى مع إجراء انتخابات داخلية لحركة حماس، أفرزت عن ظهور شخصية تتميز بجنوحه للعمل العسكري، ممثلة في يحيي السنوار، أحد كبار قادة حماس، والذي كان أسيرًا لدى العدو الصهيوني لما يزيد عن 23 عامًا متوالية.
أسدلت إسرائيل الستار على خروج السنوار بوصفه بـ " الإرهابي "، وكأن أي شخصية ستختارها الحركة لقيادة قطاع غزة خلفًا لاسماعيل هنيه هو " إرهابي " بطبعه، فكل شخصية حمساوية أو موالية لحماس هي " إرهابية " في الوعي الصهيوني، لذلك لم نندهش كمتابعين للملف الإسرائيلي بأن تل أبيب ارتعبت من ظهور السنوار، وسرى في جنباتها القلق بعيد انتخابه، خاصة وأنه يتبنى الخطوط الجهادية للحركة، رغم أن ثوابت الحركة معروفة للجميع، ممثلة في تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتوافق أو المصالحة بين الفصائل الفلسطينية الأخرى.
تزامن انتخاب السنوار مع زيارة نتانياهو لواشنطن للمرة الأولى منذ اختيار ترامب، مع الإعلان الصهيوني عن عودة السفير الإسرائيلي بمصر سرًا لأسباب أمنية خشية على حياته، وذلك منذ نهاية ديسمبر الماضي، وهو الإعلان الذي جاء عشية الزيارة، بمعنى أن العدو الصهيوني يرتب الأخبار والتقارير بحسب هواه وكما يتراءي له، وبما يتماشى مع أمنه القومي، إذ أن خبر عودة السفير ومباشرة عمله من مدينة القدس المحتلة يعود لما يزيد عن الشهر ونصف الشهر، فلماذا الإعلان عنه في هذا التوقيت، سوى لضرب إسفين لمصر، أمام المجتمع الدولي، وخاصة الإدارة الأمريكية الجديدة.
الثابت أن الإدارة الأمريكية الجديدة تتبنى الرؤية الإسرائيلية الخاصة بإلزام الجانب الفلسطيني ب " الإعتراف بيهودية الدولة " شرطًا لاتمام السلام مع الجانب الصهيوني، وهو ما يقوَّض أركان القضية برمتها، ويعني الاعتراف الأبدي بوجود العدو الصهيوني، وما " حل الدولتين " سوى دولة كبرى تلتهم الدويلة الصغرى، التي ليس لها أساس او مقومات، وإنما منزوعة السلاح، ويقتات مواطنها قوت يومه " بالعافية "، وعليه أن يحمد ربه خمسين مرة في اليوم أن الكيان الصهيوني تركه يعيش بين جنباته، ولكنها عيشة ذل وهوان!
الغريب في الأمر أن هذه الأخبار والتحليلات الإسرائيلية تتوازى، أيضًا، مع عودة العلاقات الطيبة والإيجابية بين الطرفين المصري والحمساوي، وعودة التنسيق الأمني والاستخباراتي مجددًا بينهما، ناهيك عن فتح معبر رفح لفترات طويلة طوال العام مقارنة بالأعوام الماضية، في وقت استضافت القاهرة لقاءات مختلفة ومتعددة لفصائل فلسطينية متباينة، ما يوحي بأن مصر في طريقها لريادة القضية الفلسطينية كعادتها دائما، باعتبارها حاضنة الملف الفلسطيني بأكمله، وتمتلك الإمكانات المؤهلة لريادته..
إلى أي مدى يتم تأهيل المجتمع الدولي لاحتمالية مهاجمة الكيان الصهيوني لقطاع غزة مجددًا؟!
لكن يتبقى الإجابة على جملة من الأسئلة، من بينها...
- لماذا الإعلان عن عودة السفير الصهيوني بالقاهرة لبلاده في هذا التوقيت، وعشية زيارة نتانياهو لواشنطن، ولماذا لم يعلن عنها في حينه!
- إلى أي مدى يتم تأهيل المجتمع الدولي لاحتمالية مهاجمة الكيان الصهيوني لقطاع غزة مجددًا؟!
- ولماذا كالت إسرائيل الاتهامات لحماس لاختيارها السنوار قائدًا لها في القطاع!
ثمة حلقة مفقودة تربط هذه الأحداث ببعضها البعض.. لكن ظني أن الأيام القليلة القادمة ستكشف الحقيقة كاملة، دون الانتظار للمدى القريب!