سيقول السفاء:

سيقول السفاء: "جزمة" صلاح وحّدتهم!

أحمد متاريك

أحمد متاريك

10 أكتوبر 2017

 

الكونغو تحرز هدفًا في شباك الحضري!

 

المدرجات مكتومة كسرادق عزاء، مصر تحبس أطول أنفاسها، عيون مذهولة لا تصدّق ما يجري، ودموع لا تدري من أين أتت تجري في محياك كأخدود نابالم..

 

يا إلهي، باقة الحلم توشك على النفاد، لا أتخيل لأن يأتي عليَّ المونديال وأبناء عمّي لا يمثلونني على أبسطته الخضراء في البلاد البيضاء. إن كنّا لن نتأهل من تصفيات "مائعة" كهذه فمتى نصل؟ سيناريو الجزائر يتكرّر أمام عيني، حين أفلتت منّا طائرة كأس العالم بعد أن وضعنا بها الرحال بالفعل.

 

يارب لا تكتب تلك الكَسرة علينا من جديد..

 

لم نلعب أي مباراة بشكل جيد أبدًا، ولكن ماذا نفعنا التألق في 2010؟

 

كوبر لا يصلح لقيادة منتخب جمهورية شبين لكأس مصر، ولكننا نصلح لكأس العالم.. والله.

 

فعلنا كل الموبقات، إلا الكفر بكَ.. وبوطننا!

 

الكرة تُلعب من جديد، ويخطف ابن الأهلي ضربة جزاء لم يكن ليأتي بها إلا هو.

 

صحيحة أو خاطئة، اللعبة وفقًا لخطة مرتبة مسبقًا أو لا. لا يهم..

 

عجوز يصرخ في الشارع "مصر" وهو يضرب الأرض بعصاه، وزميلي بالعمل يخرج من صدره كل ما بجعبته من قرآن حفظه من الكتّاب حتى الآن، السقف يضيق علينا ويوشك أن يسحقنا، وثواني ركض صلاح نحو نقطة الجزاء تمر عليّ كما لو كانت تُقتطع من لحمي.

 

مئة مليون يحبسون أنفاسهم وهم يتابعون جناح ليفربول من ظهره وهو يركض ناحية الجزاء ويسدد..

 

أتخلى عن مكتبي وأتموضع أرضًا على البلاط، وأبكي كما لم أفعل منذ وُلدت، ربما لو كان في طريقه لتسديد رأسي لما انفعلت هكذا.

 

قررت عدم المشاهدة لكني نظرت، تخفق قلوبنا كما لو أننا نعصرها بأيادينا، والنفس الزائغة تتابع بعين مشبّعة بندى البكاء، وشوق لنصر غاب عشرات السنين..

 

الكرة تنطلق وتتهادى نحو الزاوية الخالية..

"حطهاله في الشمال يا مجدييييييي"

 

انفجر كل شيء..

 

هل أتاني صراخ أهلي في دمياط للقاهرة؟ أم أن أفراس النيل بأسوان حملت لنا صياح أهلها كما فعلت يومًا في عهد أحمس؟

 

هل هذه الشجرة تبتسم وتبادلني الرقص أم أنني أهذي؟

 

من حطم هذه الزجاجة؟ ومن ظل يضرب كالمجنون على الطاولة؟

 

من انهار أرضًا لم تحمله قدماه؟ ومن عاد ليواصل بكاءه من جديد؟

 

من المسلم والمسيحي في مشاهد كتلك؟ من المؤيد ومن المعارض؟

 

في هذه المواسم تختفي تلك الأسئلة كأبخرة المياه وتبقى آثارها فقط على الحائط "مصر 2 الكونغو 1".

 

سيقول السفهاء.. السيسي يستغل الكرة لإقرار شرعيته!

 

أضحك ساخرًا وأنا أتلفت حول نفسي، أتابع آثار 3 أعوام مرّت علينا تحت حكمه، الرجل أنهى تقريبًا مدته الأولى ويستعد لدورة رئاسية جديدة، وخصومه من أهل الكهف لا يزالون يحاولون قنصه بحراب شرعية مزعومة ولّت بالأثر الرجعي، ولن تعود.

 

الشرعية لمَن غلب.. ولمحمد صلاح طبعًا!

 

سيقول السفاء.. هؤلاء أصحاب الملايين من اللاعبين لا يستحقون دعمنا

وماذا لو منحناك نفس الملايين هل تفرح المئة مليون في لحظة واحدة كما فعلوا؟

 

هل يقدر أغنى أغنياء مصر على منحنا دقيقة كتلك؟

 

هو يفعل ما لا يفعله أحد.. فلينل ما يستحقه بعيدًا عن هذه "سفسطة" اشتراكية لا داعٍ لها.

 

بعد المباراة، تجولت قليلاً في ميدان التحرير، الكل كان فرحًا، أسعد حتى من لحظات الأيام الـ18 الخالدة، هذه المارة شارك الناس سعداتهم الضباط والجنود وعمال الحي، الكل يردد "مبروك علينا" ويتبادلون التهاني والصور والأحضان، لا يعرفون إلا أنهم مصريون وفرحون بصلاح والذين معه.

 

بعيدًا عن حديث طويل توهمناه عن تصدعات هائلة في مكونات الشعب المصري، ترى هل لا تزال هناك خيوط عنكبوت كثيرة من نسيج هذا البلد تجمّعنا ولا نراها جيدًا؟ ربما!

 

مبروك لمصر.. وليّا.