عواقب وخيمة على «بن سلمان»..
تقرير: تغيير هائل سيطرأ على الشرق الأوسط إذا فاز بايدن
في الصراع الإيراني والحرب السورية والنزاع بين الفلسطينيين وإسرائيل، يتبع ترامب وبايدن سياسات مختلفة في الشرق الأوسط، إلا أنّ فوز الديمقراطي سيحدث تغييرًا هائلًا على الشرق الأوسط، وذلك بحسب تقرير صحيفة تاجشبيجل الألمانية.
وأوضحت الصحيفة أنّ جو بايدن لم يدع أدنى مجالًا للشك في أنّ الأمور ستتغير في سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط، حال فوزه في الانتخابات الرئاسية في 3 نوفمبر، حيث قال المرشح الديمقراطي مؤخرًا، إنّه لن يُفرّط في قيم أمريكا مقابل بيع الأسلحة أو من أجل صفقات النفط، في إشارة إلى رفضه لسياسة دونالد ترامب الخارجية.
وبرغم أنّ تحذير بايدن موجهاً في الأساس إلى سياسة ترامب تجاه المملكة العربية السعودية، إلا أنّه ينطبق أيضًا على جهات فاعلة أخرى في المنطقة، وفق الصحيفة.
إيران
اتبع ترامب سياسة "الضغط القصوي" على إيران لجعل نظام الملالي يركع على ركبتيه، وذلك بتشجيع من اليمين الأمريكي وحلفاء مثل إسرائيل والمملكة العربية السعودية، وكان يحاول ترامب في السنوات السابقة إرضاخ القيادة الإيرانية عبر العقوبات لموافقتها على لوائح أكثر صرامة للبرنامج النووي الخاص بها ولتقليل ترسانة الصواريخ في البلاد، وباغتيال الجنرال الإيراني رفيع المستوى قاسم سليماني في يناير، أثبت الرئيس الأمريكي أيضًا أنّه لا يخجل من العنف العسكري.
بيد أنّ بايدن يريد في حالة فوزه إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، ويُصر على أنّه من الأفضل إشراك الجمهورية الإسلامية في العلاقات الدولية المتبادلة لكي يكون من السهل التنبؤ بما سيفعله نظام الملالي، لذلك تأمل طهران في تغيير السلطة في واشنطن.
وبحسب تقارير إعلامية، أمر الزعيم الثوري علي خامنئي الميليشيات الموالية لإيران في العراق المجاور بوقف هجماتها على المنشآت الأمريكية حتى لا يُقدم لترامب ذريعة لشن ضربات عسكرية جديدة.
ووفقا للصحيفة الألمانية، لن يكون إنهاء الموقف الأمريكي المتشدد تجاه الجمهورية الإسلامية بدون مخاطر سياسية على بايدن، لأنذ سياسة إيران الجديدة ستثير الشكوك بين المتشددين الأمريكيين والحلفاء مثل إسرائيل والمملكة العربية السعودية الذين يدعمون مسار ترامب.
القضية الفلسطينية
بالنسبة للحكومة اليمينية في إسرائيل، يُعتبر دونالد ترامب مفضلًا للغاية، ومن المحتمل أن يعتبره المتدينون القوميون في مجلس الوزراء هدية من الله، لأن رئيس الولايات المتحدة الراهن أعطاهم كل ما كانوا يتوقون إليه دائمًا.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ نقل سفارة القوة العظمى من تل أبيب إلى القدس كانت رسالة رمزية من ترامب، حيث أوضح "صانع الصفقات" للفلسطينيين منذ البداية أنّه لا يمكن إقامة دولتهم في ظل سلطته، بل تمادى ترامب لأكثر من ذلك، وأنهى بشكل واضح الدعم المالي للسلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس.
بالإضافة إلى ذلك، شكّل الرئيس الجمهوري تحالفًا عربيًا يهوديًا وأظهر للفلسطينيين أنّه لم يعد بإمكانهم الاعتماد على الإخوة والأشقاء العرب في المنطقة، ولذلك شكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ترامب بالتصفيق وبتراتيل المديح.
ومن ناحية أخرى، نظر الفلسطينيون إلى اليوم الذي انتقل فيه ترامب إلى البيت الأبيض باعتباره أحد أكثر الأيام ظلمة في التاريخ، ولذا لا عجب أنهم يضعوا الآن كل آمالهم على بايدن، الذي من المتوقع أن يتصرف في رام الله بنفس القدر الذي كان عليه باراك أوباما، والذي قد دعا بدوره نتنياهو مرارًا وتكرارًا إلى تقديم تنازلات، وبالتالي أغضب رئيس وزراء إسرائيل.
ومع ذلك، وبحسب الصحيفة، لن يكون بايدن حال فوزه قادرًا على تغيير الحقائق التي أسسها ترامب في الشرق الأوسط، لأنّه إذا غيّر سياسة الرئيس الراهن، سوف يستمر مرة أخرى النزاع الفلسطيني الإسرائيلي القائم منذ سنوات دون حلول.
كما يمكن لإسرائيل أن تتعايش بشكل جيد مع ذلك، ولن تتيح الفرصة للفلسطينيين لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، بغض النظر عمن سيحكم البيت الأبيض.
صراعات الشرق الأوسط
أحد أهم الأسئلة لأصدقاء ومعارضي الولايات المتحدة في الشرق الأوسط هو ما إذا كان انسحاب أمريكا من المنطقة سيستمر بعد فوز محتمل لبايدن، لا سيما أنّ منتقدي ترامب يتهموه بخلق فراغ يمكن أن يملأه لاعبون مثل روسيا أو تركيا أو الصين، مما قد يلحق الضرر بالولايات المتحدة وشركائها في المنطقة.
ويرى محللون أنّ تغيير مسار سياسة الولايات المتحدة في سوريا أو ليبيا أو في النزاع بين تركيا وجيرانها في شرق البحر المتوسط تحت قيادة بايدن، يمكن أن بساعد في تقليل نفوذ روسيا وإعطاء المنطقة بأكملها مزيدًا من الاستقرار.
ونوهت الصحيفة بأنّ ماكوفسكي، المتخصص السابق في شئون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأمريكية، طالب مؤخرًا في مؤتمر عبر الإنترنت نظمه مركز الأبحاث الأمريكي بوميد، بضرورة أن تحتل الولايات المتحدة الدور القيادي في القضايا الإقليمية.
حقوق الإنسان
ويعتقد ماكوفسكي أيضًا أنّه يجب على الولايات المتحدة أن تضع حقوق الإنسان في صميم سياستها في الشرق الأوسط، إذ أثبت ترامب عدة مرات خلال السنوات القليلة الماضية أنه يولى الأهمية لأمورٍ أخرى.
على سبيل المثال، بعد مقتل المعارض السعودي جمال خاشقجي قبل عامين، وقف ترامب في صف العقل المدبر، وريث العرش السعودي محمد بن سلمان، كما استمرت شحنات الأسلحة الأمريكية إلى المملكة الخليجية، وذلك على الرغم من سقوط العديد من الضحايا المدنيين في الحرب في اليمن.
لكن بايدن، بحسب الصحيفة، يريد تغيير ذلك حال فوزه في الانتخابات. كرئيس، فسوف يراجع علاقات الولايات المتحدة مع المملكة العربية السعودية، كما أعلن في الذكرى الثانية لمقتل خاشقجي في وقت سابق من هذا الشهر، بجانب ذلك، يريد الديمقراطي وقف شحنات الأسلحة الأمريكية المتعلقة بالحرب في اليمن.
وبالنسبة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية، فإن فوز بايدن سيكون له عواقب وخيمة عليه، حسبما رأى الصحفي أنتوني هاروود في صحيفة "الإندبندنت" البريطانية.
ويتطرق تقييم هاروود إلى نقطة مهمة أخرى يمكن تغييرها حال فوز بايدن في الانتخابات، ففي السياسة الخارجية لترامب، غالبًا ما تكون العلاقات الشخصية مع رئيس الولايات المتحدة أكثر أهمية من المؤسسات والمهنيين، على سبيل المثال، يمكن ملاحظة ذلك في العلاقة الوثيقة بين جاريد كوشنر صهر ترامب ومحمد بن سلمان، وفي استخدام سياسيين مثل نتنياهو أو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخط المباشر مع الرئيس.
وقال ترامب، وفقًا للصحفي بوب وودوارد، في إشارة إلى أردوغان، إنّ "ترامب يتعامل بشكل أفضل مع الزعماء الأكثر قسوة والأسوأ".
الصحيفة رأت أنّه إذا فاز بايدن، فمن المتوقع العودة إلى السياسة الخارجية الأمريكية التقليدية، وسيكون للوزارات التنفيذية في واشنطن وهيئات مثل مجلس الأمن القومي تأثير أكبر على سياسة القوة العظمى في الشرق الأوسط، وسيواجه الحكام مثل محمد بن سلمان أو أردوغان أوقاتا أصعب بكثير تجاه المواقف الأمريكية التي ستكون ضدهم.