أربع سنوات على دولة 30 يونيو.. ."الأخ الأكبر يحكم بقسوة"
بعيدا عن حساب عدد الكيلومترات التي أضافتها حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الطرق السريعة والكباري من أسفلت، أو إحصاء عدد المشروعات التي أثارت رفض كثير من المتخصصين لتكلفتها الهائلة ومردودها المشكوك فيه، كالتفرعة الجديدة لقناة السويس، أو العاصمة الإدارية، أو المليون وحدة سكنية التي أجهضت فكرتها بتراجع الشركات التي سبق لها الإعلان عن المساهمة فيها، أو غيرها، يبدو أن السلطة التي تستمد جزءا كبيرا من مشروعها ومشروعيتها الآن، كما تقول، من مظاهرات 30 يونيو 2013 وما أفضت إليه من الإطاحة بحكم الإخوان، باتت منسجمة تماما مع دولة "الأخ الأكبر" الذي تحدثت عنه رواية "1984" للكاتب الإنجليزي الكبير جورج أورويل.
كانت رواية أورويل بمثابة نبوءة بنوع من الاستبداد يتمكن فيه القائد أو الأخ الأكبر من مراقبة الجميع، وهو الأمر الذي لم يختلف كثيرا عن رؤية البرلماني السابق والخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية محمد السعيد إدريس الذي قال لـ"مصر العربية" تعليقا على حلول الذكرى الرابعة للثلاثين من يونيو :"اتضحك علينا.. وخلصت كل حاجة".
وامتنع إدريس عن الإجابة على سؤال بشأن تقييمه لما جرى، مكتفيا بترديد :"اتضحك علينا".
اللافت أن جريدة الحياة اللندنية نشرت مقالا للكاتب المصري صلاح سالم في مارس من عام 2014 (قبل تولي الرئيس السيسي منصبه) رصد فيه اتجاه الأمور صوب دولة الأخ الأكبر مدللا على ذلك ببعض الأمثلة المرتبطة بأداء الأجهزة الأمنية والإعلامية، وقال سالم نصا (في المقال المعنون:دولة الأخ الأكبر في انتظار قائدها) :".. في مصر، حيث قامت ثورتان، أو موجتان كبريان من ثورة واحدة، يبدو أن الحلم يصير كابوساً، فرغم أن الأخ الأكبر لم يجلس على مقعده بعد، فالمسرح يجري التجهيز له على قدم وساق، وكل ما يدور في مصر الآن يتجه الى تصنيع أخ كبير من طراز نموذجي".
وأضاف:"هناك مثلا ممارسات الشرطة التي ما إن عادت للعمل بدرجة معقولة، وبمستوى من القبول الشعبي، حتى استعادت نمط عملها القديم من القبض العشوائي على المتظاهرين، وغير المتظاهرين، إلى حفلات تعذيب في الأقسام والسجون. وكثير من الأقاويل عنها أخذ يتسرب بدرجة إسناد وصدقية متفاوتة، لكنها تبقى كارثية لو صدقت بنسبة عشرة في المئة فقط".
وعلى صعيد الممارسات الإعلامية ذهب سالم إلى القول :"أصبحنا مجدداً إزاء إعلام تعبوي تجيّشه وتحركه غرف مظلمة في اتجاهات مرسومة. والمصيبة الأكبر ذلك التناغم بين الإعلام الرسمي- الحكومي والإعلام الخاص المستقل".
وأشار إلى أن الإعلام الخاص جاء في السنوات الأخيرة من حكم مبارك "ليقدم صوتاً مختلفاً نسبياً عن الصوت الرسمي، وإن بنسبة محسوبة وتحت السيطرة، لكنه اليوم اندمج، مع الإعلام الحكومي، في خطاب تعبوي يمثل ظاهرة جديدة وخطيرة، فما أريد له أن يكون مستقلاً لم يعد يرغب في الاستقلال، بل صار يزاحم الإعلام الرسمي في تعبويته، ما لا يمكن تفسيره سوى بعودة التحالف القوي بين السلطة والثروة في أشد صوره خطورة".
وكان سالم في ذلك المقال من أوائل المحذرين من ممارسات سياسية وإعلامية تنظر إلى الفريق عبد الفتاح السيسي (قبل ترقيته مشيرا) "باعتباره رجل الأمة الوحيد، وأن الاحتشاد خلفه ضرورة وطنية، وغير ذلك ليس إلا تخلياً عن الوطنية المصرية التي صارت ممثلة فقط فيه وفي الجيش... حتى أن كثيرين ندّدوا بترشح حمدين صباحي للرئاسة واعتبروه تبجحاً في مواجهة رجل الأمة".
وطرح سالم سؤالا في ختام مقاله قائلا:"هل الأخ الأكبر المنتظر يرضى عن ذلك، وهل يستعد لقيادة مصر نحو هذا المصير؟ إنه سؤال يحتاج إلى إجابة".
وردا على سؤال لـ"مصر العربية" بشأن ما إذا كانت قد توفرت لدى سالم إجابة عن سؤاله بعد 4 سنوات من 30 يونيو2013، وتحديدا ما يتعلق باستعداد ورغبة "الأخ الأكبر" في ممارسة هذا الدور، قال: "يلعبه الآن بقسوة ولكن دون اقتدار"، دون أن يجيب عن المزيد من الأسئلة، وخاصة ما يتعلق بمظاهر ممارسة هذا الدور، ودلائل "عدم الاقتدار"، ومآلات الأمور من وجهة نظره.