بعد رفع أسعار الوقود.. هل يتأثر النشاط الصناعي في مصر؟

كتب: داليا عبد العزيز

فى: أخبار مصر

14:45 02 يوليو 2017

رغم تأكيدات وزير التجارة والصناعة طارق قابيل أن أسعار توريد الغاز الطبيعي للمصانع لن تشهد أي زيادات خلال هذه المرحلة، بعد رفع الحكومة أسعار الوقود إلا أن اقتصاديين اعتبروا أن النشاط الاقتصادي سيتأثر من القرارات الأخيرة.

 

وأكدوا أن النشاط الصناعي سوف يتأثر بتلك الزيادة، على الأحرى بطريقة غير مباشرة عن طريق زيادة أسعار وسائل النقل ولجوء بعض المصانع لرفع زيادة المرتبات تزامنًا مع موجه التضخم المقبلة.

 

فيما قلل آخرون من تأثير القرارات على النشاط الصناعي طالما لم ترفع الدولة أسعار الوقود بالنسبة لها متجاهلين أثر الزيادة غير المباشر.

 

وقال المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة، إنه تم الإبقاء على الأسعار الحالية للقطاعات الصناعية وعدم زيادتها في إطار الزيادة الجديدة التي أقرتها الحكومة لمنتجات الوقود والمحروقات وبدء العمل بها صباح الخميس الماضي.

 

الدكتور ضياء الناروز، الباحث الاقتصادي، أكد أن قرار رفع أسعار البنزين الذي أقرته الحكومة، سيكون له تأثير على النشاط الصناعي، وخاصة عندما يتعلق الأمر بأسعار المحروقات.

 

وأوضح الناروز، في تصريحات لـ «مصر العربية»، أن المحروقات من أهم عناصر النشاط الاقتصادي، وأي تتغير في أسعارها يترتب عليه تغيرات كبيرة في هيكل النشاط الاقتصادي ونسبة نموه.

 

وحول تصريحات الوزير عن أن «أسعار توريد الغاز الطبيعي للمصانع لن تشهد أي زيادات خلال هذه المرحلة"،  قال «سيكون هناك تأثير في كل الأحوال لأن النشاط الصناعي متعلق بالنقل الذي ستزداد أسعاره، وبالتالي يتأثر النشاط الصناعي».

 

وقد أقر مجلس الوزراء، تحريكا فى أسعار المنتجات البترولية والغاز الطبيعى، وتضمنت قائمة الوقود والمحروقات التى جرى تحريك أسعارها، البنزين والسولار والبوتاجاز، ليصبح سعر البنزين 3.65 جنيه للتر 80 بعدما كان 235 قرشا، و5 جنيهات للتر 92 بعدما كان 350 قرشا، كما شهد سعر السولار تحريكا من 235 قرشا إلى 3.65 جنيه، وتحريك سعر البوتاجاز من 15 إلى 30 جنيها للأسطوانة.

 

وتعد هذه الزيادة الثانية لأسعار الوقود في أقل من عام، حيث رفعت الحكومة أسعار الوقود، خلال نوفمبر الماضي بعد القرار الخاص بـ«تعويم الجنيه»، حيث زاد سعر لتر بنزين 80 بنسبة 45% ليصل إلى 235 قرشا للتر بدلا من 160 قرشا، وزاد سعر لتر بنزين 92 بنسبة 35% ليبلغ 350 قرشا بدلا من 260 قرشا، وسعر لتر السولار بنسبة 30% ليبلغ 235 قرشا بدلا من 180 قرشا، وارتفع سعر متر الغاز للسيارات من 110 قروش إلى 160 قرشا، فيما أبقت الحكومة على سعر بنزين 95 عند 625 قرشا دون تغيير، وارتفع سعر أسطوانة البوتاجاز إلى 15 جنيها.

 

 محمد عبد الحكيم، الخبير الاقتصادي، قال إنه على الرغم من تأكيد الحكومة على عدم المساس بأسعار الوقود المستخدمة في المصانع إلا أن النشاط الصناعي سوف يتأثر بطريقة غير مباشرة عن طريق وسائل النقل التي ستشهد زيادة ملحوظة بعد زيادة أسعار الوقود.

 

وأضاف عبد الحكيم، في تصريحات لـ «مصر العربية» أنه ضمن التأثير ستضطر بعض المصانع لرفع المرتبات تماشيا مع موجة التضخم، فضلًا عن ارتفاع أسعار بعض المواد الأولية بنسب تختلف تبعا لدرجة تعرضها للتأثير غير المباشر لرفع اسعار الوقود.

 

ومن جانبه، قال الدكتور محمد البنا، أستاذ الاقتصاد بجامعة المنوفية، إن «عدم رفع أسعار توريد الغاز الطبيعي للمصانع سيقلل كثيرا من تأثير رفع أسعار المحروقات للأغراض الاستهلاكية على تكاليف الإنتاج ومن ثم يُحد من الزيادات في اسعار المنتجات النهائية لهذه المصانع».

 

وشدد البنا في تصريحات لـ«مصر العربية» على ضرورة أن تسعى المصانع وكافة المنشآت الى رفع الإنتاجية باستخدام تقنيات متقدمة وزيادة مهارات وتدريب العمالة وتحسين طرق الإنتاج.

 

ورأى أن رفع مستويات الأرباح يمكن تحقيقه بسبل أخرى كثيرة بعيدا عن رفع الأسعار، مثل التوسع في الانتاج أو ما يعرف بالإنتاج الكبير، وزيادة المبيعات والحصص السوقية محليا وخارجيا، وزيادة القدرة التنافسية للمنتجات محليا وخارجيا.

 

أما خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي،  فاعتبر أن تلك القرارات بما فيها زيادة سعر الوقود فلن تؤثر على النشاط الصناعي لأن وزارة البترول اعلنت انها لن ترفع اسعار الغاز للمصانع ومن ثم فلن يكون هناك تأثير مباشر على القطاع الصناعي، وأي تأثير سيكون مرتبطا بعملية نقل السلع المنتجة وليس مراحل تصنيعها.

 

وأوضح الشافعي في تصريحات لـ «مصر العربية» أن هيكلة دعم الطاقة إحد أهم خطوات الاصلاح الاقتصادي ولولا تلك الاجراءات لكانت الاوضاع الاقتصادية ستؤدي بنا إلى كارثة حيث ارتفع الدين العام المصري ليقترب من 107% من إجمالي الناتج المحلي وهو رقم كبير وكان لابد من اتخاذ إجراءات لعملية جدولة الديون وسدادها.

 

وأرجع الخبير الاقتصادي، تلك القرارات سواء من هيكلة أسعار الطاقة والكهرباء وتحرير سعر الصرف كلها تصب فى معالجة عجز الموازنة العامة في مصر والتي وصلت إلى أرقام مرعبة، خاصة خلال السنوات الخمس الماضية، إذ سجل للعام المالي 2016-2017 نحو 9.8% من نسبة الناتج المحلي، مقابل نحو 11.5% خلال العام المالي 2015-2016.

 

وتابع «عجز الموازنة شهد تحسنا بلغت قيمته 1.7% خلال موازنة 16-17»، مشيرا إلى أن الفجوة بين الإيرادات والمصروفات التي تتزايد بصورة مستمرة وكان لابد من الوصول إلى حل للفجوة الكبيرة ومزيد من الإجراءات لترشيد الإنفاق العام.

 

وكان الوزير قد أكد أن القرار يأتي في إطار حرص الحكومة على تخفيف الأعباء عن كاهل الصناعة المصرية، وعدم تحميل المنشآت أي تكاليف إضافية تؤدي إلى زيادة في تكلفة المنتجات وارتفاع أسعارها، الأمر الذي يؤدي أيضا إلى انخفاض القدرة التنافسية لهذه المنتجات أمام مثيلتها المستوردة.

 

وقرر البنك المركزي المصري في 3 نوفمبر الماضى، تحرير سعر صرف الجنيه، أي ترك سعره يتحدد وفقا للعرض والطلب فى البنوك، لينخفض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار في السوق الرسمية من 8.88 جنيه للدولار الواحد، ليتجاوز حاجز الـ 18 جنيها ورفع أسعار الوقود مساء اليوم نفسه.

 

وتتزايد في مصر أعداد المصانع المتعثرة، حيث أعلنت دار الخدمات النقابية أن المصانع التى تم إغلاقها منذ ثورة 25 يناير حتى يناير 2015، حيث بلغ 4500 مصنع فى 74 منطقة صناعية.

 

بينما أصدر اتحاد نقابات عمال مصر تقريرا أشار فيه إلى أن عدد المصانع بلغ 8222 مصنعا، فى حين أشارت دراسة أعدها اتحاد المستثمرين إلى وجود 1500 مصنع متعثر حتى 2013 قرابة 40% منها فى قطاع الغزل والنسيج والملابس الجاهزة.


أما اتحاد الصناعات، قال إنه طبقا لآخر بيانات لدى الاتحاد حصل عليها من جمعيات المستثمرين ومجالس الأمناء بالمدن الصناعية بالمحافظات فإن عدد المصانع المتعثرة وصل إلى قرابة 70000 مصنع كان يعمل بها قرابة مليونى عامل حياتهم توقفت تماما.


وتتلخص مشكلة أصحاب المصانع المتعثرة التى تفاقمت عقب الأحداث السياسية منذ 2011  فى عدم وجود تمويل لاستكمال خطوط الإنتاج أوتجديد المعدات أو شراء الخامات وترفض البنوك تمويلها زادت حدتها عقب تعويم الجنيه في 3 نوفمبر الماضي.


واعتبر رجال الصناعة أن المشروعات المتوقفة كان من الممكن أن تزيد فاتورة الصادرات بأكثر من 30% وتوفر ما يزيد على مليونى فرصة عمل بمتوسط 300 عامل فى المصنع الواحد ما يقضى على 70 % من حجم البطالة بمصر بخلاف ما تضيفه من زيادة فى حصيلة الخزانة العامة من الضرائب والرسوم.


وبلغت نسبة البطالة في السوق المصرية، نحو 12.4% حتى نهاية العام الماضي 2016، وفق أرقام الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فيما اعتبر خبراء اقتصاد أن الرقم غير واقعي وأن النسبة الحقيقية تزيد على 20 %.

اعلان