بعد رفع أسعار الوقود.. حكاوي المواصلات «متنفس» من نار الغلاء

كتب:

فى: أخبار مصر

12:21 02 يوليو 2017

في المقعد الأمامي من حافلة نقل جماعية تابعة لهيئة النقل العام، كانت متجهة لحي العتبة كان محمود نصر 50 عاما يجاوره أشرف عرابي( 46 عاما) يتحدثان عن الزيادة الأخيرة ﻷسعار الوقود، بدأ الأول في سرد معاناته في التعامل مع الوضع الاقتصادي الحالي بعدما ارتفعت أسعار جميع السلع والخدمات.

 

بسؤال محمود نصر عن الطريقة التي يتعامل بها مع موجة الغلاء التي كان آخرها قرارات الخميس الماضي، قال إنه لا مفر من التعامل مع الأمر والتعايش معه بالتنازل عن بعض السلع التي كان يشتريها ﻷسرته المكونة من 5 أفراد.

 

وأضاف لـ"مصر العربية" أن المستقبل بالنسبة له مرعب ولا يمكن التنبؤ بما سيحدث غدا خصوصا وأن هناك أصوات كثيرة تقول إن الزيادة الأخير لن تكون آخر ما في جعبة الحكومة.

 

زيادة مرتقبة

 

وتدخل في الحديث أشرف عرابي الذي يعمل بشركة قطاع خاص، بأن هناك زيادة متوقعة في الفترة المقبلة وأن أسعار السلع كلها ستتحرك بناء على رفع أسعار الوقود.

 

 

وذكر عرابي أن ما يقلقه حاليا هو ما يمكن أن يصاحب الشريحة الثالثة من قرض صندوق النقد الدولي الذي تسلمت منه الحكومة شريحتين حتى الآن، برفع أسعار المواصلات العامة كالمترو والأتوبيس وتحريك سعر الوقود مرة أخرى.

 

 

المصريون يدعون الفقر

 

على الجانب الآخر من مقاعد " الأتوبيس" كان يجلس سعيد سلامة والذي يرى أن الحكومة ليست مخطئة في قراراتها فكل ما تم جاء بعد دراسة واختبار لقدرات المواطنين.

 

وفي حديثه لـ"مصر العربية" قال إن السلطة اختبرت الناس وقت تنفيذ مشروع قناة السويس في أغسطس 2014 وتم تجميع 64 مليار جنيه في أيام معدودة، ومرة أخرى قبل شهور بعد قرار رفع سعر الفائدة في البنوك تم تجميع ما يقرب من 2 مليون 700 ألف في أيام مشيرا إلى أن المصريين يدعون الفقر.

 

الرئيس السيسي في احتفالات افتتاح <a class=قناة السويس " height="450" src="http://www.masralarabia.com/images/55c37cb9c461886b588b4573(1).JPG" width="800" />

الرئيس السيسي في احتفالات افتتاح قناة السويس

 

 

وأضاف أن الممارسات الخاطئة هي السبب في اختلاق الأزمات فبعد انتشار الشائعات عن زيادة أسعار السلع، يسارع غالبية المواطنين في شراء كميات منه وهو ما يتسبب في نقصها من السوق كما حدث في السكر قبل ذلك.

 

عصيان مدني

 

وعن احتمالات خروج مظاهرات لرفض هذه الإجراءات رد أسامة خالد 35 عاما بأن أى تحركات شعبية سيواجهها النظام بمزيد من القمع متوقعا الدفع بقوات من الجيش للسيطرة على أي تحرك، مشيرا إلى أن المصريين ثاروا مرتين ولم يأت ذلك بأي نتيجة.

 

ويقترح الشاب الثلاثيني تنظيم عصيان مدني، بأن يمتنع الجميع عن النزول لعمله وهو ما سيجبر السلطة الحالية على الرجوع عن قراراتها المجحفة، مشيرا إلى أن مثل هذه الاعتصامات تحدث في بعض البلدان الأوربية وتؤتى نتائج مبهرة.

 

ويستدرك خالد قائلا لكن هذه الحركات الاحتجاجية دائما تفشل في مصر فإذا نظمت مثلها من احتجاجات تجهد قبل بدايتها بسبب تطوع بعض الناس بإبلاغ الشرطة عن زملائهم.

 

 الانتخابات المقبلة

 

وعطفا على اقتراح العصيان الذي يرى صاحبه أنه يصعب تطبيقه، تحمل سيارات الأجرة الخاصة حلولا أخرى لمواجهة غلاء الأسعار والتعامل مع الحكومة الحالية، فيقول محمود سلامة 26 عاما أن الحل في مواجهة القرارات الحكومية المتكررة يجب أن يكون في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

سيارة أجرة

 

سلامة الذي جلس في المقعد المجاور للسائق بسيارة أجرة كانت متجهة لحي فيصل بمحافظة الجيزة، يؤكد أن منافس للرئيس عبدالفتاح السيسي يتفوق عليه في الانتخابات المقبلة، لكنه يحصر المنافسة في عسكريين ربما يخوضون السباق أمامه أبرزهم الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء الأسبق.

 

ويدلل سلامة على وجهة نظره في حديثه لـ"مصر العربية" بأن الأيام الماضية لم تشهد أي احتفالات بذكرى 30يونيو كما كان يتم في الأعوام السابقة، مشيرا إلى أن ذلك دليل على تراجع شعبية الرئيس بشكل كبير.

 

وأظهر استطلاع رأي أجراه مركز "بصيرة" المتخصص في بحوث الرأي العام تراجع شعبية الرئيس السيسي مقارنة بالأعوام السابقة.

 

وقال المركز في استطلاع أجراه نهايات العام الماضي إنه كان أفضل شخصية سياسية لعام 2016 وللعام الثالث على التوالي، لكن بنسبة أقل بكثير عن سابقاتها في العامين الماضيين، وهي 27% مقابل 32% عام 2015، و54% لعام 2014.

 

ويجهض سلامة أي فكرة تدعو للخروج في مظاهرات لرفض السياسات الحالية قائلا إن الملاحقات الأمنية لا ترحم أحد والناس "تعبت من السجون والاعتقالات" لافتا إلى التهمة موجودة فبحسبه يتم استخدام جماعة الإخوان كفزاعة من خلال اتهام أي معارض بأنه إرهابي.

 

               

وفي مايو 2016 قدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان عدد المعتقلين السياسيين بـ60 ألف معتقل.

 

وبحسب سلامة  فإن البلاد حاليا تعيش على المعونات بعد حالة الفشل الاقتصادي الحالية، متوقعا سوء الأحوال بشكل أكبر بعد رفع الدعم بشكل كامل خلال الفترة المقبلة.

 

تقليص الدعم

 

وأقر مجلس الوزراء، الخميس الماضي، زيادة أسعار المنتجات البترولية والغاز الطبيعي، وتضمنت قائمة الوقود والمحروقات التي جرى تحريك أسعارها، البنزين والسولار والبوتاجاز، بزيادة تتراوح ما بين 42 و55%.

 

وتأتي الزيادة الجديدة بعد أقل من عام على الزيادة التي أقرتها الحكومة على المواد البترولية والتي وقعت في نوفمبر الماضي بمعدلات وصلت إلى 40% في نوفمبر 2016، بعد ساعات من اﻹعلان عن تحرير سعر صرف الدولار.

 

وخلال الفترة الماضية أقدمت الحكومة على خفض مخصصات الدعم لاسيما المبالغ المحددة للمواد البترولية والكهرباء.

 

ووفقًا لبيان وزارة المالية، انخفض دعم المواد البترولية في موازنة العامة المالي 2017/2018، ليسجل 33% من إجمالي الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية -110 مليارات جنيه ارتفاعًا من 35 مليار جنيه خلال العام الجاري، وعلمًا بأنه كان من المفترض تخصيص 145 مليار جنيه في الموازنة الجديدة– بعدما كان يسجل 64% في العام المالي 2011/2012.

 

وتقول الحكومة إن الفرق في قيمة الدعم ذهب لدعم السلع التموينية ودعم صناديق المعاشات التي ارتفعت في مجملها من 26% في العام المالي 2011-2012 إلى 42.7% من إجمالي الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية في مشروع موازنة 2017-2018.

 

وبالمثل كشف بيان الموازنة العامة للعام الجديد عن تخصيص 30 مليار جنيه لدعم شرائح الكهرباء، في حين كان من المفترض تخصيص 60 مليار جنيه لها.

 

المصريين لن يثوروا

 

لكن الدكتور فتحي الشرقاوي رئيس وحدة قياسات الرأي العام بجامعة عين شمس والمتخصص في علم الاجتماع السياسي يشكك في إحصاءات المراكز البحثية المتخصصة في الرأي العام.

 

وقال الشرقاوي لـ"مصر العربية" إنه من غير المتوقع حدوث أي ردود أفعال غاضبة في الوقت الحالي من قبل رافضي قرارات رفع الأسعار.

 

د. فتحي الشرقاوي

د. فتحي الشرقاوي 

 

وتابع: طالما مرت 24 ساعة دون تحركات غاضبة فهذا يعني قبول الناس بالأمر، مشيرا إلى أنه قد يكون هناك غصة لدى قطاع كبير من هذه القرارات لكنهم لن يتحركوا إما خوفا من الملاحقات الأمنية ، أو ﻷن البعض يرى أن هذه القرارات ضمن خطة إصلاح اقتصادي.

 

ولفت إلى أن ردود أفعال المصريين مؤخرا لم تعد موضوعية فالمجتمع منقسم لتيارات سياسية مختلفة وكل يري قرارات السلطة بحسب موقفه منها، فالمؤيدون للسيسي يرون ما يتم إصلاح اقتصادي، ومعارضيه ينكرون أي تقدم أنجزه خلال الثلاث سنوات الماضية، ويحكم كل منهم بناء على موقفه السياسيى .

 

 

اعلان