خلال الإعداد للخطة الخمسية «المنفعة المتبادلة»

عبر مليوني مقترح.. الصينيون يرسمون طريق نهضتهم

كتب: متابعات

فى: العرب والعالم

00:14 26 نوفمبر 2020

عكس المسار الطويل والمُتْقن لإعداد الخطة الخمسية الرابعة عشرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصين، نهجًا راسخًا من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في إتاحة الفرصة للصينيين من كافة الأطياف والأعمار؛ كي يشاركوا في إعداد الخطة، ويقوموا بتقديم التعديلات والمقترحات على مُسْودتها؛ حيث تجاوزت التعليقات مليوني تعليق، تمَّ إدراج العديد منها ضمن مقترحات الخطة.

 

وفي كلمته أمام الجلسة الخامسة الكاملة للجنة المركزية التاسعة عشرة للحزب الشيوعي الصيني، طرح الرئيس شي جين بينغ مقترحات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني بشأن صياغة الخطة الخمسية الرابعة عشرة (2021- 2025) للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية والأهداف الطويلة المدى حتى عام 2035.

 

وبدأت عملية صياغة مسودة المقترحات في شهر أبريل الماضي، ودرست أن لجنة الصياغة درست التعليقات عليها، والتي تجاوز عددها مليوني تعليق عبر الإنترنت في الفترة من 16 إلى 29 أغسطس، وشارك فيها صينيون من كافة الأطياف، وبالفعل تمَّ تضمين 546 تعليقًا منها في مقترحات الخطة، وهو ما دفع الرئيس شي لوصف هذه العملية بأنها «مثال حي للديمقراطية داخل الحزب الشيوعي الصيني والديمقراطية الاشتراكية في الصين».

 

التداول المزدوج

وركزت المقترحات بشكل رئيسي على جملة من الأهداف، في مقدمتها، التنمية العالية الجودة، وبناء نمط جديدة للتنمية يعتمد على «التداول المزدوج» وإعادة التوازن نحو السوق المحلية الصينية من أجل «تسهيل اتصال أفضل بين السوق المحلية والأجنبية لتحقيق نمو أكثر مرونة واستدامة».

 

ودعا الرئيس شي إلى التمسك بتوسيع الطلب المحلي كأساس استراتيجي وتعزيز الدورة الإيجابية للاقتصاد الوطني، كما دعا إلى نظام إمداد أكثر توافقا مع الطلب المحلي، مؤكدًا أن نمط التنمية الجديد لن يكون بأي حال من الأحوال تداولًا محليًا مغلقًا.

 

وشدَّد الرئيس سي على أنه بدلًا من ذلك سيكون تداولًا مزدوجًا مفتوحًا يشمل الأسواق المحلية والأجنبية. وأوضح أنّه ستكون هناك العديد من العوامل غير المستقرة وغير المؤكدة في البيئة الخارجية في الفترة المقبلة، حيث قد تؤثر العديد من المخاطر الكامنة على التنمية الاقتصادية المحلية، مضيفًا أنَّ جائحة كوفيد -19 لها تأثير بعيد المدى وقد تؤثر على الاقتصاد العالمي.

 

وأكّدت المقترحات على أهمية «الرخاء المشترك»، إذ دعت إلى "مزيد من التقدم الملحوظ والجوهري في تعزيز الرخاء المشترك للجميع" و"بذل جهود قوية لدفع الرخاء المشترك قدمًا". وأكد الرئيس شي على تحقيق هدف بناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل (أي شياوكانغ بالصينية) في الموعد المحدد وهو احتفال الحزب الشيوعي الصيني بالذكرى المئوية لتأسيسه.

 

الأولوية للابتكار

ويحتل الابتكار مكانة هامة في استراتيجية التنمية الصينية، وقد ورد ذكرها في مسودة المقترحات سبعًا وأربعين مرّة، مما يعزّز التوقعات بأن يكون هناك المزيد من السياسات المحفزة لهذا الاتجاه في السنوات المقبلة، ومنها زيادة الإنفاق في القطاعات الناشئة، مثل التكنولوجيا الحيوية وأشباه الموصلات ومركبات الطاقة الجديدة.

 

وارتباطًا بذلك، حظيت التنمية الخضراء باهتمام خاص، فقد ورد ذكرها تسع عشرة مرّة في مسودة المقترحات، التي لم تحدّد أهدافًا صارمة للناتج المحلي الإجمالي للسنوات الخمس المقبلة، وهو ما يتّفق مع خطة الصين لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060.

 

ومن اللافت أيضًا أنّ مقترحات الخطة الخمسية الرابعة عشرة تركز على تعزيز الوعي الوطني والوطنية للمواطنين في كل من هونغ كونغ وماكاو، مع التأكيد على دعم دمج المنطقتين الإداريتين بشكل أفضل في تنمية البلاد، وتطوير منطقة خليج قوانغدونغ- هونغ كونغ- ماكاو الكبرى.

 

وبخصوص تايوان، تدعو المقترحات إلى تعزيز التنمية السلمية للعلاقات عبر المضيق وإعادة توحيد الأمة، فيما يفسّر محللون ذلك بأنّ الصين قد عززت عزمها على تسريع عملية إعادة توحيد البلاد.

 

رؤية استشرافية

وتمثل الخطة الخمسية الرابعة عشرة رؤية استشرافية لما ستكون عليه الصين خلال السنوات الخمس المقبلة، وثمة أسباب عديدة للاهتمام العالمي بهذه الخطة، فالصين ليست فقط ثاني أكبر اقتصاد في العالم من حيث حجم الناتج المحلي الإجمالي، وإنما أيضا من أهم محركات نمو الاقتصاد العالمي، ولاعب رئيسي في السياسة الدولية. وفي ظل حالة عدم اليقين التي يعيشها العالم حاليا نتيجة وباء كوفيد- 19 وأسباب أخرى، تتجه الأنظار نحو الصين كمرساة لاستقرار وسلام العالم.

 

الصين في خطتها الخمسية الجديدة، والتي تحمل عنوان «المنفعة المتبادلة»، ستقود التحول العالمي للتنمية المستدامة، وستدفع بالتنمية الخضراء وتدعم التناغم بين الإنسان والطبيعة، فما شهده العالم من تأثيرات سلبية للتغير المناخي وما تبعه من كوارث هدَّدت المنظومة البيئية، جعل الصين تقود عملية التحول للاقتصاد الأخضر وتدعم منتجاته وقطاعاته وابتكاراته.

 

وأكَّدت الصين في خطتها الخمسية الـ14 بأنها سترفع عاليًا راية السلام والتنمية والتعاون والمنفعة المتبادلة، وهذا نهج الصين منذ سنوات تجاه القضايا والصراعات الدولية، ففي وقت بدأ العالم يتجه لسياسة التصعيد والتأجيج تأتي الصين لترفع راية السلام.

 

وتشدد خطة بكين ضرورة الالتزام بمبادئ المنفعة المتبادلة وتطبيق مبادرتها السابقة الداعية لنظام عالمي قائم على التشاركية ومجتمع ذي مصير مشترك، وهنا يجب الإشارة إلى أن الصين لا تزاحم العالم لتقوده كما يدعي البعض، إنما تؤكد مطالبتها بأن يكون المستقبل قائمًا على المنفعة المتبادلة والتشاركية في وحدة المصير، وهذا هو نهج الصين الملتزمة به منذ سنوات وستلتزم به في السنوات المقبلة.

 

اعلان