فيديو| السودان يحذر إثيوبيا: لن نقبل بسياسة فرض الأمر الواقع

كتب: أحلام حسنين

فى: أخبار مصر

14:58 19 يناير 2021

في الوقت الذي تواصل فيه إثيوبيا تحديها لكل من مصر والسودان، بإعلان الملء الثاني لسد النهضة، في يوليو المقبل، رغم عدم التوصل لاتفاق مرض للدول الثلاث، أكدت السودان أنها لن تقبل بسياسة الأمر الواقع الذي تحاول أن تفرضه إثيوبيا، وستلجأ لخيارات أخرى في حال استمرار تعثر المفاوضات.

 

وكانت إثيوبيا قد أعلنت البدء في الملء الثاني لسد النهضة في يوليو 2021 القادم، وذلك بعد دخول مفاوضات سد النهضة دائرة مغلقة، إثر فشل المباحثات التي رعتها جنوب إفريقيا، لعدم حدوث تقدم في جلسة المفاوضات التي دارت خلال الأسبوع الماضي بين الدول الثلاث.

 

 

سد النهضة يهدد 20 مليون سوداني

 

وحذرت السودان إثيوبيا من الملء الثاني لسد النهضة، قبل أن يتم التوصل لاتفاق ملزم ومرض للدول الثلاث "مصر، إثيوبيا، والسودان، مؤكدة أنها لن تقبل بسياسة الأمر الواقع التي تحاول إثيوبيا أن تفرضها على دولتي المصب.

 

وأشار مجلس الوزراء السوداني، في بيان، إلى أن سد النهضة الإثيوبي يهدد 20 مليون مواطن سوداني، تعتمد حياتهم بشكل أساسي على النيل الأزرق، مؤكدا أنه لن يقبل بتهديد سلامة 20 مليون مواطن سوداني.

 

وقال مجلس الوزاء السوداني، إن اللجنة العليا لمتابعة ملف سد النهضة قد اجتمعت لبحث سير المفاوضات والمشاورات خلال الفترة الماضية، والخيارات البديلة في حال استمرار تعثر المفاوضات مع مصر وإثيوبيا. 

 

وشدد المجلس على أن السودان تتمسك بالعودة للمفاوضات ولكن وفق اشتراطات جديدة مع إثيوبيا ومصر وصولا إلى اتفاق قانوني ملزم يحفظ ويراعي مصالح الأطراف الثلاثة، لافتا إلى أنه ربما يلجأ لخيارات أخرى في حال فشل المفاوضات. 

 

الحرب ليست خيارا

من جانبه رجح الباحث في قضايا منطقة القرن الأفريقي، عبدالمنعم أبو إدريس، أن يذهب السودان إلى مجلس الأمن الدولي وأن تتدخل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشكل أكبر لحل الخلاف.

 

وأضاف أبو إدريس لصحيفة "العرب" اللندنية أن "الحرب لن تكون خيارا للسودان في أوضاع سياسية واقتصادية لا تسمح له بالدخول في أي معركة غير مأمونة العواقب".

 

ورغم رفع حدة اللهجة الرسمية للسودان في مفاوضات سد النهضة مؤخرا، وصف الخبير السياسي والاستراتيجي اللواء أمين إسماعيل مجذوب، ذلك بـ"المناورة السياسية". وقال مجذوب "السودان ومصر ليس لديهما أي خيارات حيال منع بناء أو تشغيل السد الإثيوبي، كما أن خيار الحرب غير مفيد للأطراف الثلاثة".

 

وأضاف "معظم الخيارات تنحصر في تسخين الجبهة الداخلية في إثيوبيا، لاسيما مع الإثنيات التي تعمل ضد رئيس الوزراء آبي أحمد، إضافة إلى محاولة تشويه صورة أديس أبابا لخلق عزلة دولية حول موقفها من السد".

 

وأشار مجذوب إلى أن الخرطوم تملك الآن ورقة ضغط على أديس أبابا، من خلال إقليم تيجراي الحدودي، كما يستطيع السودان منع المزارعين لإثيوبيين من الدخول إلى مناطق الفشقة الصغرى والكبرى، وإغلاق حدوده مع إثيوبيا ومنع التجارة البينية، في ظل مضاعفة اعتماد إثيوبيا على المحاصيل والمواد البترولية السودانية.

 

خرق للقانون

وسبق أن صرح وزير الري والموارد المائية السوداني، الإثنين الماضي، بأن تنفيذ إثيوبيا للملء الثاني لسد النهضة، يعد خرقا للقانون الدولي، معتبرا أن التفاوض هو الحل حاليا لمواجهة هذه الأزمة بالتوصل لاتفاق يحفظ حقوق الدول الثلاث.

 

وكانت وزارة الخارجية السودانية قد قدمت، الثلاثاء الماضي، اشتراطات جديدة للعودة إلى مفاوضات "سد النهضة" مع إثيوبيا ومصر، قائلة :"لا يمكنا الاستمرار في دورة مفرغة من التفاوض حول سد النهضة".

 

وأعربت الخارجية السودانية عن احتجاجها على إعلان إثيوبيا الاستمرار في تعبئة سد النهضة، مؤكدة إنه سيكون لديها خيارات أخرى إذا لم يقم الاتحاد الأفريقي بدوره حول سد النهضة.

 

 

سيناريوهات بديل التفاوض

 

ومن جانبه رأى دكتور أحمد المفتي، أستاذ القانون الدولي السوداني، إن اللجنة العليا المنوط بها متابعة ملف سد النهضة لا تفعل شيئا سوى الإشادة بالوفد السوداني المفاوض، معتبرا أن هذا النهج من المفاوضات لا طائل من ورائه.

 

ورأى المفتي أن المطلوب هو أن تضيف اللجنة العليا إلى عمل الوفد المفاوض لا الإشاده به وتأييده فقط، معتبرة أنها إذا اقتصرت على الإشادة والتأييد سيكون ذلك داعما لموقف إثيوبيا في أن تبدأ في تنفيذ الملء الثاني بإرادتها المنفردة في يوليو القادم، وفي ذات الوقت ضياع أراض سودانية شاسعة على حدود السودان الشرقية مع إثيوبيا. 

 

وشدد المفتي، خلال منشور له عبر صفحته على موقع فيس بوك، على أن اللجنة العليا السودانية لسد النهضة، عليها أن تصدر التوجيهات بما يخدم مصالح السودان، ليس في مجال المفاوضات فقط، ولكن أيضا في مجال حدود السودان الشرقية، لأن الموضعين تحكمهما اتفاقية واحدة، وهي اتفاقية 1902. 

 

وفي السياق قال الدكتور محمد نصر علام، وزير الري والموارد المائية المصري الأسبق، إن الإعلان الأثيوبى عن موعد الملء الثانى لسد النكبة فى غياب اتفاق مع مصر والسودان، يمثل قمة الصفاقة السياسية وبلطجة دولية فى ظل بيات شتوى للاتحاد الأفريقي وغياب متعمد للمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة.

 

 

من جانبه علق الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، على فشل المفاوضات، وقال إنه كان يجب على السودان التمسك بأن تكون شريكة مع مصر في صنع قرارات التشغيل خلال تلك المفاوضات سد النهضة وفق البند الخامس من إعلان المبادئ الموقع في مارس 2015، والذي ينص على «التعاون في الملء الأول وإدارة السد» وليس مستقبلا للبيانات، مشيرًا إلى أن فشل المفاوضات كان أمرًا متوقعًا.

 

وقال «شراقى» إن السودان طالبت في الشهور الماضية بضرورة تبادل معلومات تشغيل السد لضمان سلامة سد الروصيرص، فاستجابت إثيوبيا بالتأكيد على أنها تبحث عن آلية فعالة لتنفيذ هذا المطلب المتواضع على مائدة المفاوضات.

 

وأضاف «شراقى» أنه يجب على مصر والسودان الاكتفاء بالـ7 أشهر مفاوضات تحت رعاية الاتحاد الإفريقى، والتقدم بمذكرة مشتركة للاتحاد الإفريقي تتضمن الانتهاكات الإثيوبية لهذه الجولات التفاوضية ومنها اتخاذ قرارات منفردة وفرض سياسة الأمر الواقع بتخزين 5 مليارات متر مكعب في يوليو الماضي والإعلان عن عزمها على تخزين 13 مليار متر مكعب أخرى بنفس الطريقة في يوليو المقبل، بالإضافة إلى المطالبة بعدم تعلية الممر الأوسط للسد والذي يعد الخطوة الأولى في التخزين حتى وصول الدول الثلاث لاتفاق يرضي جميع الأطراف.

 

وأشار أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة إلى أنه حان الوقت لتوحيد الرؤية المصرية- السودانية للتوجه إلى مجلس الأمن ومطالبة إثيوبيا بعدم اتخاذ أي تدابير من شأنها تعلية الممر الأوسط والتخزين للمرة الثانية، حتى يتم الاتفاق على قواعد الملء والتشغيل.

 

تعهد بريطاني بالاتفاق

 

وكما هو الحال في كل مرة تفشل فيها جولة جديدة من مفاوضات سد النهضة، تظهر في الأفق بوادر تدخلات دولية ووساطة لعودة المفاوضات مرة أخرى، كما تدخلت من قبل أمريكا والسعودية والإمارات.

 

ومؤخرا تعهد السفير البريطاني بالخرطوم، بدعم بلاده لملف سد النهضة للوصول إلى اتفاق مرضٍ لمصر والسودان وإثيوبيا، مؤكدا أن بريطانيا تتفهم موقف الخرطوم بشأن مفاوضات سد النهضة.

 

وبحسب ما نقلته وكالة الأنباء السودانية الرسمية "سونا"، فإن وفد من الخارجية الإماراتية قد اختتم زيارة إلى السودان، استغرقت يوم واحد، التقى خلالها مسؤولين في وزارتي الخارجية والري والموارد المائية السودانية، في محاولة للعب دور الوسيط بين الدول الثلاث. 

 

ونقلت وكالة "سونا" عن مصادر سودانية إن المبادرة الإمارتية لم تأت بطلب من السودان، ولكنها تعول على علاقاتها  الجيدة مع كل من مصر والسودان وإثيوبيا، وإمكانية التدخل لحل الخلافات بين الدول الثلاث حول سد النهضة

 

فشل المفاوضات

 

وكانت اجتماعات سد النهضة الأخيرة، قد فشلت فى تحقيق أى تقدم بين مصر وإثيوبيا والسودان، بسبب خلافات حول كيفية استئناف المفاوضات والجوانب الإجرائية ذات الصلة بإدارة العملية التفاوضية.

 

ووفق بيان صادر من وزارة الخارجية المصرية، فإن سبب فشل المفاوضات مجددًا يرجع إلى إصرار الخرطوم على ضرورة تكليف الخبراء المُعينين من قبل مفوضية الاتحاد الأفريقي، بطرح حلول للقضايا الخلافية وبلورة اتفاق سد النهضة.

 

وهو الطرح الذي تحفظت عليه كل من مصر وإثيوبيا، وذلك تأكيداً على ملكية الدول الثلاث للعملية التفاوضية وللحفاظ على حقها في صياغة نصوص وأحكام اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة، خاصةً أن خبراء الاتحاد الأفريقي ليسوا من المتخصصين في المجالات الفنية والهندسية ذات الصلة بإدارة الموارد المائية وتشغيل السدود.

 

وأكدت وزارة الخارجية المصرية، على استعدادها للانخراط في مفاوضات جادة وفعالة من أجل التوصل في أسرع وقت ممكن إلى اتفاق قانوني ملزم على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، وذلك تنفيذًا لمقررات اجتماعات هيئة مكتب الاتحاد الإفريقي التي عقدت على مستوى القمة خلال الأشهر الماضية للتشاور حول قضية سد النهضة، وبما يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث ويحفظ ويؤمن حقوق مصر ومصالحها المائية.

 

وبدورها أكدت وزارة الري المصرية، أنه لا تنازل عن حقوق مصر المائية في نهر النيل، مشددة أن هناك آليات وسيناريوهات للتعامل الدبلوماسي والسياسي مع سد النهضة، بعد فشل المفاوضات.


وأشارت الوزارة إلى أن القاهرة متمسكة بتوقيع اتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل السد لكل الأطراف، وليس طرف بعينه.


 

اعلان