يفترس القارة العجوز..

بعد «أنانية البقاء».. كابوس كورونا يلاحق «وحدة أوروبا»

كتب: أيمن الأمين

فى: العرب والعالم

11:51 14 أبريل 2020

بالرغم من الحديث لسنوات طويلة عن قوة ومتانة الاتحاد الأوروبي في مواجهة الأعداء والمخاطر والكوارث الطبيعية، إلا أن "جائحة" كورونا كشفت عن "أنانية البقاء" لسكان وقادة القارة العجوز.

 

ففي اختبار جديد لجدوى الاتحاد الأوروبي وقوته، أظهرت دول أوروبا سياسة "أنانية" منذ بدأ تفشي كورونا داخل القارة، وغاب تماما دور الاتحاد الأوروبي في إيجاد سبيل للتعاون لمواجهة الوباء المميت.

 

"الأنانية" بدأت حين صمت الأوروبيون عن مساعدة أحد أفراد الاتحاد، تحديدا في إيطاليا، أكثر البلدان تضررا داخل تلك القارة، وهو ما حدث بالفعل مع إسبانيا، وبريطانيا، وألمانيا، فالكل بحث عن نفسه فقط.

 

تساؤلات كثيرة، باتت تهدد مصير الاتحاد.. فهل تتغلب أنانية الدول الأوروبية ويتفكك الاتحاد.. أم تغلب المصالح المشتركة ويتخطى الاتحاد الأوروبي هذا الاختبار أيضا؟.

 

 

الشواهد كلها، باتت تصب في المجهول، حاملة معها مصير الاتحاد أيضا إلى المجهول، بسبب تزايد الأعباء على دول الاتحاد، والتي باتت تحت إمرة الوباء اللعين.

 

الكاتب الصحفي الكردي إدريس سالم قال لمصر العربية، إن للفيروس كورونا مزاياه وعيوبه، فمن هذه المزايا أنها كشفت عن مدى العهر الكبير الذي كان طاغياً على إنسانيتنا الحيوانية المتوحّشة، ومن ثم فإن الشريحة العمرية التي سقط منها معظم ضحايا فيروس كورونا بين (70 – 95) عاماً، تنتمي إلى الجيل الذي بعث أوروبا من الموت بعد الحرب العالمية الثانية، الجيل الذي حوَّل حطام الحرب وأطلال المدن إلى دول الرخاء والرفاه، الجيل الذي دافع عن الحريات ورسّخ ثقافة حقوق الإنسان، وهو الآن يموت وحيداً في العزل يغادر إلى مقابر جماعية مجهولة.

 

فتصريحات القادة الغربيين أشارت إلى حقيقة خطيرة، وهي أن يستعدوا لوداع أحبتهم، وهو ما قاله رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، في حين دونالد ترامب في مقرّ رئاسته أكد أنهم سيخرجون منتصرين لو كان عدد وفياتهم أقل من مائة ألف مواطن أمريكي (قتيل)، ومن هذين النموذجين المتوحّشين – اللذين يراهما أبناء الشرق بالديمقراطيين – نصل إلى حقيقة أن العالم مقبل على مواجهة أزمة اقتصادية مدمّرة، والتي ستنتج عنها عالماً مخيفاً لن يشبه العالم ما قبل كورونا.

 

 

وتعد قارة أوروبا الأكثر تضررا جراء انتشار الفيروس اللعين "كورونا"، إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية، فالوباء اللعين لم يترك أي بلد أوروبي إلا وانتقم من سكانه.

 

ولا يزال الفيروس المستجد كورونا (كوفيد 19)، يواصل انتشاره بشكل كبير داخل القارة العجوز، رغم المحاولات المستميتة للقضاء عليه.

 

ولم يفرق كورنا بين أحد في أوروبا، فضرب الوزراء في ألمانيا ولاعبي الكرة في إيطاليا، حتى رئيس وزراء المملكة لم ينج من الوباء المميت، فهو لا يزال رهن العناية المركزة، وسط تدهور لحالته الصحية.

 

 

تجدر الإشارة إلى أن مراقبين رأوا أن الأوضاع سوف تتفاقم في قارة أوروبا خلال الفترة المقبلة، في حين تتوقع كلية لندن أنه إذا لم يتم اتخاذ إجراءات وقائية في بريطانيا، فإن عدد المرضى سيفوق عدد الأسرّة المتوفرة في المستشفيات بأكثر من 30 ضعفاً، وهو ما بدأ يحدث بالفعل في إيطاليا، حيث لم يعد النظام الصحي قادراً على استيعاب العدد الكبير من المصابين، وفق ما جاء في تقارير إعلامية.

 

تجدر الإشارة، إلى أنه في سابقة خطيرة صادرت جمهورية التشيك شحنة من المساعدات الطبية والأقنعة الواقية كانت قادمة من الصين في طريقها إلى إيطاليا قبل أسابيع. تقول حكومة التشيك إن الأمر وقع بالخطأ خلال ملاحقة عدد من الأفراد الذين يتاجرون في المعدات الطبية في هذا الوقت الحرج وتعهد برد الشحنة لإيطاليا، وهو ما لم يحدث  حتى الآن.

 

 

أما ألمانيا فقررت حظر تصدير مستلزمات الوقاية الطبية للخارج. وأعلنت لجنة إدارة الأزمات التابعة للحكومة أن وزارة الصحة الاتحادية ستتولى تدبير هذه المستلزمات على نحو مركزي بالنسبة للعيادات الطبية والمستشفيات والسلطات الاتحادية. وسيُجرى استثناء ذلك فقط تحت شروط ضيقة، مثل التصدير في إطار حملات إغاثة دولية.

 

في المقابل، يرى البعض أن دعم دول الاتحاد لدول منكوبة مثل إيطاليا وإسبانيا - تكاد فرنسا تلحق بهما – لم يكن على المستوى المتوقع مطلقاً. فبحسب محمد عايش المحلل السياسي وخبير الشؤون الأوروبية من لندن، فإن سبب ذلك أن "الأزمة عميقة للغاية بالفعل وضربت كل دول العالم، كما أنها غير مسبوقة على الأقل منذ 100 عام، بالتالي كان التعامل معها وإدارتها صعب للغاية بالنسبة لكل الدول، مضيفاً خلال تصريحات صحفية، أن الدولة التي تشعر أنها في أزمة يصعب جداً عليها أن تقدم خلالها دعماً لدول أخرى.

اعلان