ومواطنون: الطعام والشراب أولى من شرائها

تحت وطأة كورونا والفقر.. تدوير وتبادل الكمامات المستعملة كارثة تتفشى بين البسطاء

كتب: أحمد الشاعر

فى: أخبار مصر

15:42 01 يونيو 2020

تحت وطأة كورونا، لا ملاذ للمصريين سوى الالتزام بالإجراءات الاحترازية، لا سيما أن ارتداء الكمامات في المواصلات والهيئات الحكومية والخاصة والأماكن العامة بات إلزاميا بقوة القانون، ويتعرض المخالفون للغرامة التي تصل إلى 4 آلاف جنيه.

 

بيد أن شراء الكمامات أصبح عبئا ثقيلا على جيوب المصريين، فسعر الكمامة الأدني وفقا للحكومة جنيهين فيما يرتفع ثمنها إلى 5 جنيهات أو تزيد في الصيدليات والسوق السوداء رغم قرار مجلس الوزراء بتوقيع عقوبات على من يتخطى السعر الذي حددته الحكومة.

 

«الطعام والشراب أولى».. هكذا يتعامل المصريون مع شراء الكمامات بأنها أمر غير ضروري، فهناك ما هو أولى بالنفقات كالطعام والشراب، في ظل محدودية الدخل التي يعاني شريحة كبيرة من المصريين، ناهيك على الأوضاع الاقتصادية الصعبة جراء تفشي فيروس كورونا.

 

وتشير البيانات الحكومية إلى أن أزمة كورونا خلفت تداعيات اقتصادية قاسية في مصر، إذ توقف قطاع السياحة الحيوي، وقطاعات أخرى كالطيران والاقتصاد غير الرسمي،  فضلا عن توقف الحركة التجارية ما أثر سلبا بدوره على تدفقات النقد الأجنبي عموما، فضلا عن تقلص معدلات النمو، يضاف لذلك تأثر تحويلات المصريين في الخارج بأزمة كورونا في ظل توقف الكثير منهم عن العمل.

 

 

ويقول خبراء الاقتصاد: إن إجراءات الاصلاح الاقتصادي، التي شرعت الحكومة في تنفيذها منذ 5 سنوات، كانت سببا أساسيا، في عدم انهيار السوق المصرية جراء أزمة كورونا، مشيرين إلى أن حزمة الإصلاحات قد أتت بثمارها.

 

وتعتزم الحكومة في منتصف يونيو 2020، فتح الاقتصاد، وعودة الحياة إلى طبيعتها في ظل خطة وضعتها للتعايش مع كورونا، وألزم قرار مجلس الوزراء المواطنين بارتداء الكمامات فيما تشن وزارة الداخلية بالفعل حملات بأنحاء البلاد لضبط المخالفين، ومنعت محطات مترو الأنفاق دخول المواطنين بدونها.

 

ويبلغ سعر علبة الكمامات الطبية (تحتوي على 50 قطعة ) نحو 120 جنيها، ويصل نوع آخر (بدُعامة) إلى 140 جنيها ويزيد إلى 170 جنيها حسب نوع وخامة الأقمشة المستخدمة، ويصل سعر الفيس شيلد الوحد إلى 40 جنيها ويرتفع إلى 75 جنيها حسب النوع.

 

وكانت الحكومة قد أعلنت في وقت سابق، عن تكليف مصانع الملابس بصنع الكمامة القماش والتي لا تستخدم لمرة واحدة، بل يمكن غسلها وكيّها لتستعمل عدة مرات.

 

وخاضت بعض المصانع الشهيرة تجربة إنتاج الكمامات القماشية،ومعظمها قد ينجح في تقديم كمامات ذات جودة طبية عالية. لكن إنتاج تلك الكمامات لم يبدأ حتى الآن.

 

 

وقالت نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة في بيان صحفي يوم الأحد إن مصر تستهدف إتاحة حوالى 30 مليون كمامة شهريا لتلبية احتياجات السوق المحلي. وأضافت ”سيتم خلال الأيام القليلة المقبلة البدء في عملية الإنتاج حيث سيتم تصنيع 8 ملايين كمامة من القماش كمرحلة أولى“.

 

وأوقف جهاز حماية المستهلك منذ أيام قليلة إعلانات عن كمامات قماش لواحدة من من أكبر شركات الملابس الداخلية بمصر، قائلا إن تلك الكمامات غير مطابقة للمواصفات القياسية.

 

وقال مجدى غازى رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية بوزارة التجارة ”بعض المصانع كانت تصنع بالفعل كمامات من الأقمشة قبل جائحة كورونا لكنها غير طبية وتُستخدم في الوقاية من الأتربة“.

 

وإلى أن يبدأ طرح الكمامات القماش سيضطر المصريون إلى استخدام الكمامات الطبية بتكلفة قد تصل إلى بضع مئات من الجنيهات للأسرة الواحدة شهريا.

 

 

يقول محمد الصيفي، مدرس، (35 عاما) بالمنوفية، في تصريحات لـ «مصر العربية» إن تكلفة الكمامات حاليا تشكل عبئا على الميزانية الشهرية، وأنه يتطلع لشراء الكمامات المصنوعة من القماش نظرا لتكلفتها المنخفضة واستدامتها“.

 

النائب عمرو غلاب عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب قال ”حاجة المواطنين للكمامات المطابقة للمواصفات تفوق الكمية الموجودة في السوق حاليا، وهو ما يعزز فكرة الاعتماد علي الكمامات المصنوعة من الأقمشة بمواصفات تحقق أعلى حماية من الفيروس“.

 

وأضاف سمير محمد عامل (42 عاما) بأحد المصانع، يقول إن راتبه لا يتخطى 2500 جنيه بل ربما ينقص بمقدار 100 إلى 200 بسبب الاستقطاعات والخصومات، وهو رب لأسرة مكونة من أربعة أفراد ثلاثة أطفال والأم، متابعا: "وبحساب تكلفة شراء الكمامات بسعر 5 جنيهات يوميا سيكون هذا غاليا جدا إذ يحتاج إلى 150 جنيها شهريا.

 

 

وبحساب سعر الكمامات بالحد الأدني الذي حددته الحكومة سيصل إلى 60 جنيها شهريا لشراء الكمامات يوميا.

 

وتشير أحدث البيانات الرسمية المتاحة إلى ارتفاع معدل الفقر بمصر في السنة المالية 2017-2018 إلى 32.5 بالمئة من 27.8 بالمئة في 2015، بحساب دخل خط الفقر عند 8827 جنيها في السنة للفرد.

 

وطالب محسن عبد العزيز، (38 عاما) بائع في محل أدوات منزلية، في تصريحات لـ «مصر العربية» بتشديد الرقابة على أسعار الكمامات وعدم السماح ببيعها في السوق السوداء.

 

تدوير الكمامات

 

أمام إحدى شركات المحمول، بمدينة طوخ بالقليوبية، هناك ازدحام للمواطنين راغبي دفع الفواتير، وتشترط شركة المحمول عدم الدخول إلا بالكمامة تنفيذا لقرار مجلس الوزراء، إلا أن بعض كبار السن لجأوا إلى حيلة تدوير الكمامات.

 

وبجوار شركة المحمول يقف شاب ممسكا بعدة كمامات للإيجار، الواحدة بجنيه واحد فقط، وبحوزته دلو ملأه بمياه مخلوطة بكلور، ويقوم شخص ما بتأجير الكمامة وعند استردادها يغمسها الشاب في المياه والكلور لتطهيرها بحد قوله ويتركها لتجف في الشمس ويعيد تأجيرها مرة أخرى.

 

 

يقول عبد الرحيم متولي، 62 عاما، بالمعاش، في تصريحات لـ «مصر العربية» إنه لا يهتم بأمر كورونا، معلقا "سيبها على الله وربنا هيسترها"، مشيرا إلى أنه استعمل كمامة من شخص آخر.

 

من جانبه، قال الدكتور حسام شريف، طبيب، في تصريحات لـ «مصر العربية» إن مسألة تدوير الكمامة كارثة بكل المقاييس، لأنها تسرع انتشار الفيروس، مشيرا إلى عدم ارتداء الكمامة أصلا أفضل من ارتداء كمامة مستعملة.

 

وناشد "شريف" المسئولين بإحكام القبضة على كل السوق السوداء، ومستغلي الأزمة لتخفيف العبء على المواطنين.

 

 

الحل في التباعد الاجتماعي والكمامات الطبية

وفي ظل تفشي فيروس كورونا، نصح العديد من الأطباء بعدم الخروج نهائيًا إلّا في حالة الضرورة القصوى، وعند الخروج لابدّ من ارتداء الكمامة وعدم السلام بالأيد والحفاظ على التباعد الاجتماعي والمسافة متر بين الأشخاص، خاصة بعد أن بلغ إجمالي حالات كورونا مصر لـ 24ألفًا و985 حالة وتجاوزت حالات الإصابة 1000 حالة يوميًا وهذا مؤشر مقلق.

 

وتقول الدكتورة رحاب محمد، طبيبة بمستشفى المطرية التعليمي، إنّ حالات كورونا سواء الإصابة أو الوفيات في زيادة يوميًا بالتزامن مع خطة الحكومة للتعايش مع كورونا، مؤكدة أنه على المواطنين ارتداء الكمامات داخل الأماكن المغلقة والمواصلات العامة باعتبارها أحد أهم وسائل الحماية من انتقال العدوى.

 

وأضافت "رحاب" أن الكمامة تمنع وصول الفيروس بنسبة 90% من رذاذ الشخص المصاب بكورونا أو الرذاذ المعلق في الهواء، مؤكدة على ضرورة التباعد الإجتماعي والحفاظ على مسافة متر بين كل شخص وبالتحديد خلال فترة ذروة كورونا لمنع انتقال الفيروس.

 

 

وأما عن الكمامات القماش التي تغزو السوق المصري، فقد أكدت رحاب، أنها غير صحية وغير آمنة لأن مجلس الوزراء أرسل المواصفات القياسية للكمامة القماش لعدد من مصانع الملابس الجاهزة ولكن لم تغزو الأسواق حتى الآن.

 

وتابع الدكتور صلاح الدين عمر، طبيب بمستشفى الزيتون التخصصي، أن الحل هو ارتداء كمامات صحية ومن الأفضل ذات اللون الأزرق.

 

اعلان