ثورة على فيس بوك

فيديو| بعد رفض دفن طبيبة بـ«شبرا البهو».. أهالي ضحايا كورونا «وجعهم مضروب في 2»

كتب:

فى: أخبار مصر

23:00 11 أبريل 2020

حينما يفارق الحياة قريب أو حبيب أو شخص غالي قضيت معه سنين وليال، يلتف الأهل والجيران، لتخفيف وطأة الألم الذي يعتصر قلوب ذوي الفقيد، يحاولون قدر المستطاع مشاركته احزانه  لمنحه شعور أنهم  إلى جواره، لحين تجاوز مأساته،  ويمطرونه بعبارات على نحو أن يصبر ويحتسب فجيعة الفراق، هذا ما اعتدنا عليه جميعًا أن نراه، إلا أن المشهد في زمن الكورونا كان مُغايرًا وصادمًا للكثيرين، وبعيدًا كل البعد عن سلوك البني آدمين والعرف والدين. 

 

فوجع ذوي الفقيد بـ "كورونا" اضحى مضروبًا في اثنين، مثلما دارت الأحداث اليوم في قرية شبرا البهو بالدقهلية،  مرة حينما علمت اسرته باصابته ونزل خبر وفاته على مسامع محبيه من أهل بيته كالصاعقة، والوجع الثاني عندما وجدوا اهالي قريتهم يقفون حائط صد لمنع  الجثمان من العبور إلى مثواه الأخير،  مطالبين سيارة الاسعاف التي تحمله بالرحيل. 

 

شاهد الفيديو

 

 

 

ففي   الساعات الأولى من صباح اليوم السبت دارت الأحداث المأسوية على أرض قرية شبرا البهو بالدقهلية، حينما وصلت سيارة اسعاف تقل جثمان طبيبة فارقت الحياة على خلفية اصابتها بكورونا، حيث فوجئ ذوي الفقيدة بأهالي القرية يعترضون خط سير الاسعاف التي كانت في طريقها  إلى المقابر حيث ستوارى الطبيبة الثرى. 

 

 

 

جثمانٌ بات مُعلقًا في الطريق الذي سلكه ما بين المستشفى والمقابر بالقرية، لا مسموحًا له بالعبور إلى حيث مثواه الأخير، ولا هناك  مجال للعودة فالروح قد فارقت الجسد وذهبت إلى بارئها،  وبدلًا من أن يخفف الأهالي المصاب الذي حل بذوى الفقيد، زادوهم وجعًا بتعالي صيحاتهم، وتجمهرهم لطردهم، ظنًا منهم أن العدوى ستنتقل لهم إذا ما واري الجثمان الثرى في مدافن القرية، وكأنهم بمنأى عن أن يكون احدهم ذات يومًا في الموقف ذاته، أو أن الاصابة بمنأى عنه سواء دفنت الفقيدة في مقابر القرية أو في غيرها. 

 

 

حاولت قوات الأمن طمأنتهم  واقناعهم بفتح الطريق  ولكن لا حياة لمن تنادي، فسيارة الاسعاف تراجعت للخلف لبعض أمتار أمام غضب االأهالي واجبارهم لقائدها بالرحيل، وانتهت تلك الأحداث المأسوية بطريقة درامية حيث دفن جثمان الطبيب بعدما اضطرت قوات الأمن لالقاء الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتشدين. 

 

 

 

تحقيق عاجل  

 

النائب العام بدوره اصدر قرارًا بفتح تحقيق عاجل فيما حدث وجاء نص بيان النيابة العامة كما يلي: "النائب العام أمر بالتحقيق العاجل في واقعة تجمهر البعض ومنعهم دفن طبيبة متوفاة بمحافظة الدقهلية، وستعلن النيابة العامة تفصيلات الواقعة في بيان لاحق حين انتهاء التحقيقات". 

 

 

 

الافتاء: ما حدث لا يمت للدين بصلة

 

وفي بيان عاجل لمفتي الجمهورية، دكتور شوقي علام، قال أنه لا يجوز اتباع الأساليب الغوغائية من الاعتراض على دفن شهداء فيروس كورونا التي لا تمتُّ إلى ديننا ولا إلى قيمنا ولا إلى أخلاقنا بأدنى صلة.

 

وجاء نص البيان:  قال الله تعالى في كتابه الكريم: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا)، وهذا التكريم الإلهي وهبه الله للإنسان حتى بعد موته وانتقاله إلى لقاء الله تعالى، لا فرق في ذلك بين مسلم أو غيره، ولا بين غني أو فقير ولا بين صحيح أو مريض.

 

 

وتابع: ومن أهم مظاهر تكريم الإنسان بعد خروج روحه التعجيلُ بتغسيله والصلاة عليه وتشييع جنازته ثم دفنه، وهذا ما أجمعت عليه أمة الإسلام منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، حتى شاع على ألسنتنا جميعًا قول إمام السلف أيوب السختياني رضي الله عنه: (إكرام الميت دفنه)، ويؤيده ما رواه البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَلَا تَحْبِسُوهُ وَأَسْرِعُوا بِهِ إِلَى قَبْرِهِ)؛ وعلى ذلك فلا يجوز لأي إنسان أن يحرم أخاه الإنسان من هذا الحق الإلهي المتمثل في الدفن الذي قال الله فيه: (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى).

 

 

وأضاف: فلا يجوز بحال من الأحوال ارتكاب الأفعال المُشينة من التنمر الذي يعاني منه مرضى الكورونا -شفاهم الله- أو التجمهر الذي يعاني منه أهل الميت -رحمه الله- عند دفنه، ولا يجوز اتباع الأساليب الغوغائية من الاعتراض على دفن شهداء فيروس كورونا التي لا تمتُّ إلى ديننا ولا إلى قيمنا ولا إلى أخلاقنا بأدنى صلة. 

 

واستكمل:  فإذا كان المتوفى قد لقي ربه متأثرًا بفيروس الكورونا فهو في حكم الشهيد عند الله تعالى لما وجد من ألم وتعب ومعاناة حتى لقي الله تعالى صابرًا محتسبًا، فإذا كان المتوفى من الأطباء المرابطين الذين يواجهون الموت في كل لحظة، ويضحون براحتهم -بل بأرواحهم- من أجل سلامة ونجاة غيرهم، فالامتنان والاحترام والتوقير في حقهم واجب، والمسارعة بالتكريم لهم أوجب، فيجب على من حضر من المسلمين وجوبًا كفائيًّا أن يسارعوا بدفنه بالطريقة الشرعية المعهودة مع اتباع كافة الإجراءات والمعايير الصحية التي وضعتها الجهات المختصة لضمان أمن وسلامة المشرفين والحاضرين، وبما يضمن عدم انتشار الفيروس إلى منطقة الدفن والمناطق المجاورة.


وفي الختام  االبيان دعا جميع المصريين إلى أن يعملوا جميعًا على سد أبواب الفتن بعدم الاستماع إلى الشائعات المغرضة، وألا يستمعوا إلا لكلام أهل العلم والاختصاص، وأن يتناصحوا وأن يتراحموا وأن يتعاونوا على البر والتقوى، واختتم قائلًا: لنكن كما قال صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا).
 

 

أما وزارة الداخلية فاصدرت بيانًا رسميًا مساء، اليوم السبت، توضح ما حدث  جاء نصه: " قام بعض الخارجين عن القانون بمنطقة المدافن الكائنة بقرية " شبرا البهو " بمحافظة الدقهلية بمحاولة منع إجراءات دفن إحدى السيدات التى توفيت نتيجة إصابتها بفيروس " كورونا " المستجد إستجابة للشائعات ودعوات التحريض التى تروج لها اللجان الإلكترونية لجماعة الإخوان الإرهابية بدعوى منع إنتشار المرض، حيث تم التعامل مع تلك العناصر وضبط عدد 23 منهم وتم إتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم ، وجارى العرض على النيابة العامة.


واكدت وزارة الداخلية تصديها بكل حزم وحسم لأية محاولات لإثارة الشغب أو الخروج عن القانون أو عرقلة إجراءات دفن المتوفين من ضحايا الإصابة بهذا الفيروس، والتى تتم وفق الضوابط المقررة من وزارة الصحة.

 

 

 

لم تقف ردود الأفعال عند القرارات والبيانات  الرسمية فحسب،  ولكنها بدأت بثورة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي، من جانب رواد تلك المنصات ممن تابعوا احداث اليوم باهتمام شديد واستياء كبير. 

 

زومبي في صورة بشر

 

فمؤلف مجموعة فلاش القصصية، خالد الصفتي، دون عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" متسائلًا: لماذا نصرّ على التصرّف كـ الزومبي (ز) ؟..


وتابع: "نفس الناس اللي رافضين تمامًا الالتزام باحتياطات السلامة من الوباء وبيتفننوا في الزوغان منها، هم نفسهم بيرفضوا دفن جثث المتوفيين به في قُراهم ؟!"، رغم أن دفن الجثة المصابة بالفيروس لا يمثّل أي خطر على الأحياء.  

 

/

 

"هي دي كلمة شكرًا"

 

أما  المستشار الاعلامي لرئيس مجلس الوزراء ، هاني يونس، فعلق قائلًا عبر صفحته : " معقول كده..حرام عليكم.. منكم لله.. طبيب زي صاحب البوست ده يعمل ايه، بدل ما نشيلهم على راسنا، هي دي كلمة شكرًا، حسبنا الله ونعم الوكيل يا من تشوهون صورة وطن بأكلمه". 

 

نصب تذكاري للفرق الطبية

 

فيما اقترح  مسئول المركز المصري للحق في الدواء، محمود فؤاد، قائلًا: "اقتراح للدولة .. تعالوا نكرم ضحايا كورونا، لازم نفكر في عمل نصب تذكاري في مكان ما يضم الضحايا والفرق الطبية".

 

وتابع: "الفترة اللي بنعيشها لازم تكون شاهد لأنها جزء اصبح من تاريخنا وبعد مئات السنين هتحكي كتير ومش لكورونا بس، ياريت نكرم الضحايا بنصب تذكاري واحدة خاصة أن المصريين احفاد الفراعنة خلدوا الموت واحترموه جدًا وكانوا بيزينوا الجثامين والمقابر".

 

 

 

شعب متدين بطبعه 

 

وقال الفقيه الدستوري نور فرحات:  يمنعون دفن طبيبة في مقبرة عائلتها، وينسون حديث الرسول الكريم ( إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلي قبره)، ويقولون إنه شعب متدين بطبعه .

 

اقتراح للـ "صحة" 

 

أما استشاري أمراض الجلدية، دكتور هاني الناظر، ورئيس المركز القومي للبحوث سابقًا، فيقول: "أدعو المسئولين في وزارة الصحة لاصدار بيان توضيحي يتم نشره وتوزيعه علي القنوات والمواقع بهدف توعية الناس، بأن المتوفين من مرضي كورونا رحمة الله عليهم يتم معهم داخل المستشفيات اتخاذ إجراءات كاملة من تغسيل وتعقيم وتغليف طبقا للقواعد التي حددتها منظمة الصحة العالمية، وأنه ليس هناك خطورة بعد دفنهم بعد اتخاذ جميع إجراءات الدفن طبقا لتلك القواعد والمتفق عليها حتي لا تتكرر ماساة دفن الطبيبة شهيدة كورونا". 

 

 

وهو  الأمر الذي أكد عليه مجموعة من أطباء مستشفى العزل الاسماعيلية، موضحين أنه لا خوف على المواطنين من دفن المتوفين في المقابر وأنه عملية تغسليهم والصلاة عليهم تتم داخل المستشفى كما يتم تكفينهم وضعهم في عدة اكياس وقائية محكمة الغلق لمنع تسرب اي افرازات. 

 

 

لم تكن واقعة  منع دفن طبيبة اليوم هي الأولى من نوعها، فمنذ أيام روت النائبة ثريا الشيخ، عبر برنامج التاسعة مساءً مع الاعلامي وائل الابراشي واقعة رفض دفن الست غالية  قائلة: إحدى المتوفيات بفيروس كورونا تدعى الحاجة غالية فارقت الحياة عن عمر يناهز الـ 73 عامًا، فشل حفيدها في دفنها بعد اعتراض الأهالي خوفًا من انتقال العدوى لهم"، وتابعت معلقة: "أنا عايزه افهم هل الميت هيقوم يعطس في وشهم.. تخيل ان ده ابوك أو امك؟". 

 

وأوضحت أنه في الوقت الذي كان يحاول حفيدها دفنها كان معظم أفراد العائلة في الحجر الصحي نتيجة اصابتهم بفيروس كورونا، وتابعت: ابن ابنها احتار ماذا يفعل بعدما تعثر عليه دفن سته في المقابر بشبرا الخيمة،  والشرطة تعبت للغاية في التعامل مع الأهالي الغاضبين. 

 

وأضافت: بعدها اضطر الحفيد التوجه بجثمان "سته"إلى مسقط رأسها في الغربية علهُ يتمكن من دفنها، ومن هنا يجب  توجيه الشكر لمدير أمن الغربية،  لمساعدة الولد الذي اتصل بي واخبرني أنه كان يبكي من شدة وصعوبة الموقفـ، لولا تدخل مدير الأمن". 

 

 

كانت نقابة الأطباء  اعلنت صباح اليوم السبت، أن حصيلة ضحاياها من الجيش الأبيض حتى الآن تمثلت في  استشهاد ثلاثة وإصابة ثلاثة وأربعين طبيبا بكورونا، طبقا للبيانات الواردة من النقابات للفرعية. 

 

 

اعلان